الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال في الجواهر : يصح كراء الأرض من غير تعيين المنفعة من زراعة أو غيرها ، ويفعل من ذلك ما يشبه ، واشترط ( ش ) تعيين الزراعة أو غيرها ، [ ص: 430 ] وجوز على أن يزرع ما شاء حملا له على الأعلا ، فإن أشبه الجميع ، وبعضها أضر ، فسد العقد ، ولو قال : انتفع بها ما شئت ، جاز ، وله زراعة غير ما أجر له من جنسه ، وقاله الأئمة ، ولو شرط عليه أن لا يزرع إلا صنفا عينه ، امتنع ; لتوقع تعذره ، فإن فعل فله كراء المثل ، وإذا اكترى للبناء لا يشترط معرفة مقدار البناء ولا صفته بخلاف البناء على الجدار ; لأن حمل الأرض لا يختلف .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : يشترط في دواب الركوب : الرؤية ، والصفة الجامعة للأعراض من الجنس والنوع والذكورة والأنوثة إلا أن يعلم ذلك بالعادة ، ولا يحتاج إلى وصف الراكب ، بل لو تعين بالركوب أو بالرؤية لم تتعين ، وله أن يجعل مكانه مثله ، وقال الأئمة في الدار والأرض والدابة ; لأن المستوفى للمنفعة لا يتعين ; لأنه مالك ، والمالك له سلطان التمليك لغيره بخلاف المستوفى منه ; لأنه أحد العوضين فيبقى فيه الغرر ، والمستوفى به لا يتعين أيضا ; لأنه آلة لا تقابل بالعوض إلا في أربعة مواضع تقدم بيانها في الصبيين والدابتين . وحيث كان الكراء في الذمة لا يشترط وصف الدابة إلا أن تكون الحمولة تحتاج لذلك كالدجاج ونحوه ، كما لا يحتاج إلى تعيين ما يعطى منه السلم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إن استأجر لزراعة القمح شهرين بشرط القلع جاز ; لأن المقصود الفضل ، وإن شرط البقاء امتنع لمناقضة شرطه التأقيت ، وإن أطلق فسد إن كان العرف الإبقاء .

                                                                                                                [ ص: 431 ] فرع

                                                                                                                قال : إذا زرع ما هو أضر فعليه الكراء الأول ، وما بين الكراءين .

                                                                                                                تمهيد : إنما قال ذلك ، ولم يقل : عليه كراء الزرع الثاني مع أنه هو الواقع غالبا فإن الشعير إذا كان في العرف بدينار ، والقمح بدينارين ، فإنه إنما يستأجر للشعير بدينار في الغالب ، فإذا زرع القمح يكون عليه دينار ، وهو الكراء الأول ، وما بين الكرائين ، وهو الدينار الذي امتاز به كراء القمح ، فيكون المتحصل له دينارين ، فلو قال : الكراء الثاني صح ، ولا حاجة إلى التطويل ، لكن عدل عنه لحكمة ، وهو أن الكراء الأول قد يكون فيه نزول عن كراء المثل بسبب حاجة رب الأرض أو غير ذلك فتضيع تلك الرخص المستفادة من العقد ، ويبطل موجبه ، وكذلك لو وقع بأغلى لحاجة المكتري ، أو غير ذلك من الأسباب . ومثاله : كراء الشعير سبعة ، وكراء القمح عشرة في العرف اكترى الشعير بدينار لضرورة رب الأرض ، أو لصداقته له ، ثم زرع قمحا . فعلى قوله : يعطى خمسة ، وعلى ما يتخيله السائل يعطى عشرة ، فيذهب عليه ما حصله من الغبطة بالعقد ، وعكسه لو اكترى الشعير بعشرة لسبب غرض فزرع قمحا ، فعلى قوله : يعطى ثلاثة عشر فلا يفوت على رب الأرض ما حصله من الغبطة بالعقد ، وعلى قول السائل : لا يعطى إلا عشرة فيذهب عدوانه لا أثر له ، فهذا سر قول العلماء : يعطى الكراء الأول وما بين الكرائين .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في النوادر : قال مالك : إذا أسكن دارا حياته جازت إجارته لها ثلاث سنين فأقل ، ولا يجوز أن يؤاجر نفسه ذلك .

                                                                                                                [ ص: 432 ] فرع

                                                                                                                قال : منع مالك كراءها إلى ( الإسكندرية ) وبعد رجوعك تبقى عليها زرعك شهرا ; لأنك لا تدري كيف ترجع .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال الأبهري : يمنع : إن ماتت الدابة انفسخ الكراء ; لأنه كراء إلى موتها وهو مجهول .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : تجوز إجارتها ليسقي دواب القرية إن كانت الدابة معلومة ، وإلا فلا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في النوادر : قال ابن حبيب : إذا اكترى دابة معينة وشرط : إن ماتت فالأخرى مكانها إلى منتهى السفر ، أو شرط أن يأتي كراءه مضمونا ، يمتنع للغرر ، وإن نقده وهلكت الدابة المعينة لا يأخذ في نقده دابة أخرى معينة ; لأنه فسخ دين فيما يتأخر قبضه ، فيشبه الدين بالدين ، إلا أن يكون موضع ضرورة كالفلاة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في النوادر : قال ابن القاسم : يجوز دفع الشبكة يصيد بها يوما لنفسه ، ويوما لك ، وفي الشهرين كثير ; لتظافر الجهالة ، ويجوز إجارة الصياد ، ويجتهد في إلقاء الشبكة حسب الإمكان .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا ضرب أجلا للدابة ، وسمى موضعا ، أو عين عملا ، يمتنع ; لأنه [ ص: 433 ] بيعتان في بيعة فيفسخ ، وقيل : يصح ، ويكون له المسمى إن بلغ الموضع في ذلك الأجل ، وكراء مثله إن لم يبلغ إليه فيه ، ولهذا كان الأجل واسعا يدرك فيه الموضع ، وإلا امتنع اتفاقا ، وكذلك : إن بلغت في أجل كذا وكذا ، فلك كذا وكذا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية