الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولهذا الخلاف فوائد عديدة : ( منها ) أنه لا يشترط لها شروط الهبة من الإيجاب والقبول والقبض فيصح بقوله أجزت وأنفذت ونحو ذلك وإن لم يقبل الموصى له في المجلس . وإن قلنا : هي هبة افتقرت إلى إيجاب وقبول ذكره ابن عقيل وغيره وكلام القاضي يقتضي أن في صحتها بلفظ الإجازة إذا قلنا هي هبة وجهين ، قال الشيخ مجد الدين : والصحة ظاهر المذهب وهل نعتبر أن يكون المجاز معلوما للمجيز ففي الخلاف للقاضي والمحرر هو مبني على هذا الخلاف وصرح بعد ذلك صاحب المحرر بأنه لو أجاز قدرا منسوبا من المال ثم قال ظننت المال قليلا لم يقبل قوله ولا تنافي بينهما لوجهين :

( أحدهما ) : أن صحة إجازة المجهول لا ينافي ثبوت الرجوع إذا تبين فيه ضرر على المجيز لم يعلمه استدراكا لظلامته ، كما تقول فيمن أسقط شفعته والاستكساب ثم بان بخلافه ، فإن له العود إليها فكذلك هاهنا إذا أجاز الجزء الموصى به يظنه قليلا فبان كثيرا فله الرجوع بما زاد على ما في ظنه .

والثاني : أنه إذا اعتقد أن النصف الموصى به مثلا مائة وخمسون درهما فبان ألفا فهو إنما أجاز مائة وخمسين درهما ولم يجز أكثر منها فلا تنفذ إجازته في غيرها وهذا بخلاف ما إذا أجاز النصف كائنا ما كان فإنه يصح ويكون إسقاطا لحقه من مجهول فينفذ كالإبراء وطريقة صاحب المغني أن الإجازة لا تصح بالمجهول ولكن هل يصدق في دعوى الجهالة ؟ على وجهين ، ومن الأصحاب من قال إن قلنا : الإجازة تنفيذ صحت بالمجهول ولا رجوع ، وإن قلنا : هبة فوجهان .

( ومنها ) لو وقف على وارثه فأجازه فإن قلنا الإجازة تنفيذ صحت بالمجهول ولا رجوع وإن قلنا هبة فوجهان .

( ومنها ) لو وقف على وارثه فأجازه فإن قلنا الإجازة تنفيذ صح الوقف ولزم وإن قلنا هبة فهو كوقف الإنسان على نفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية