الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنها ) الودائع التي جهل مالكها يجوز التصرف فيها بدون حاكم نص عليه وكذلك إن فقد ولم يطلع على خبره وليس له ورثة يتصدق به نص عليه ولم يعتبر حاكما قال القاضي في المجرد فيحتمل أن يحمل على إطلاقه ; لأنه من فعل المعروف ويحتمل أن يحمل عند تعذر إذن الحاكم ; لأن هذا المال مصرفه إلى بيت المال وتفرقة مال بيت المال موكولة إلى اجتهاد الإمام . انتهى والصحيح الإطلاق وبيت المال ليس بوارث على المذهب المشهور وإنما يحفظ فيه المال الضائع فإذا أيس من وجود صاحبه فلا معنى للحفظ ومقصود الصرف في مصلحة المالك تحصل بالصدقة به عنه وهو أولى من الصرف إلى بيت المال ; لأنه ربما صرف عن فساد بيت المال إلى غير مصرفه وأيضا فالفقراء مستحقون من مال بيت المال فإذا وصل لهم هذا المال على غير يد الإمام فقد حصل المقصود ، ولهذا قلنا على أحد الوجهين إذا فرق الأجنبي الوصية وكانت لغير معين كالفقراء فإنها تقع الموقع ، ولا يضمن كما لو كانت الوصية لمعين ، وعلى هذا الأصل يتخرج جواز أخذ الفقراء الصدقة من يد من ماله حرام كقطاع الطريق وأفتى القاضي بجوازه ونص أحمد في رواية صالح فيمن كانت عنده ودائع فوكل في دفعها ثم مات وجهل ربها وأيس من الاطلاع عليه يتصدق بها عنه الوكيل وورثة الموكل في البلد الذي كان صاحبها فيه حيث يرون أنه كان ، وهم ضامنون إذا ظهر له وارث ، واعتبار الصدقة في موضع المالك مع الجهل به ، وقد نص على مثله في الغصب وفي مال الشبهة واحتج بأن عمر جعل الدية على أهل القرية ( يعني إذا جهل القاتل ) ووجه الحجة منه أن الغرم لما اختص بأهل المكان الذي فيه الجاني ; لأن الظاهر أن الجاني أو عاقلته المختصين بالغرم لا يخلو المكان [ منهم ] فكذلك الصدقة بالمال [ ص: 226 ] المجهول مالكه ينبغي أن يختص بأهل مكانه ; لأنه أقرب إلى وصول المال إليه إن كان موجودا أو إلى ورثته ويراعى في ذلك الفقراء ; لأنها صدقة كما يراعى في موضع الدية الغني

التالي السابق


الخدمات العلمية