الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين .

[81] وإذ أي: واذكر يا محمد حين.

أخذ الله ميثاق النبيين وأممهم بما تقدم، وبما يأتي.

لما آتيتكم قرأ حمزة : (لما) بكسر اللام للجر، وهي متعلقة بأخذ; أي: أخذنا الميثاق لذلك فتكون (ما) بمعنى الذي، وقرأ الباقون: بفتحها، فتكون (ما) بمعنى الذي، واللام للابتداء، ودخلت لتؤكد معنى القسم; لأن أخذ الميثاق قسم في المعنى، والعائد محذوف; أي: الذي آتيتكموه، وقرأ نافع، وأبو جعفر : (آتيناكم) بالنون على التعظيم، وقرأ الباقون: بالتاء; لموافقة الخط، ولقوله: وأنا معكم ، وخبر المبتدأ من كتاب وحكمة ، ثم عطف على (آتيتكم):

ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم من العلم، وجواب القسم.

لتؤمنن به أي: بالرسول.

ولتنصرنه عطف على (الرسول)، والمراد: محمد - صلى الله عليه وسلم -، والذين [ ص: 484 ] أخذ عليهم الميثاق النبيون عليهم السلام. المعنى: أخذ الميثاق على من تقدمك يا محمد أن يؤمنوا بك، وإن أدركوك، نصروك.

قال الله تعالى للأنبياء حين استخرج الذرية من صلب آدم عليه السلام والأنبياء فيه كالمصابيح والسرج، وأخذ عليهم الميثاق في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم -:

أأقررتم بذلك؟ وتقدم التنبيه على اختلاف القراء في الهمزتين من كلمة عند قوله تعالى: أأسلمتم وكذلك اختلافهم في قوله: أأقررتم .

وأخذتم أي: قبلتم. قرأ ابن كثير وحفص ورويس (وأخذتم) بإظهار الذال عند التاء، والباقون: بالإدغام.

على ذلكم إصري عهدي.

قالوا أقررنا قال الله تعالى:

فاشهدوا على أنفسكم وأتباعكم.

وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم.

قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "لم يبعث الله نبيا من لدن آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد - صلى الله عليه وسلم -: لئن بعث وهو حي، ليؤمنن به ولينصرنه، ويأخذ العهد بذلك على قومه". [ ص: 485 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية