الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النظر الأول في الأسباب :

                                                                                                                السبب الأول : الشرط ، وهو الأصل ; لأنه تصريح ، وما عداه ملحق به ، تنزيلا للسان الحال منزلة لسان المقال ، وفي الجواهر : مهما شرط وصفا يتعلق بفواته نقصان مالية ثبت الخيار بفواته ، وإن شرط ما لا غرض فيه ، ولا مالية له لا يثبت الخيار لعدم الفائدة وإلغاء الشرط ، وقال أبو الطاهر : يخرج فيه خلاف من الخلاف في التزام الوفاء بشرط ما لا يفيد ، وإن شرط ما فيه غرض ولا مالية فيه فقولان في الوفاء به ، وأصله قوله عليه السلام : ( المؤمنون عند شروطهم ) .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : فإن ظهر المبيع أعلى مما اشترط فلا خيار للمشتري لحصول غرضه إلا أن يتعلق بشرطه غرض متجه ، وقاله الشافعي خلافا لابن حنبل ، قال اللخمي : فإن كان مما تختلف فيه الأغراض فله الرد ; لأن اختلافهما نقص في الحكمة ، فإن شرط أنها مسلمة فوجدها نصرانية ، أو لم يشترط فله الرد ، إلا أن تكون من السبي ; لأن الكفر نقص ، وقاله ( ح ) لقوله تعالى : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) وقال الشافعي وابن حنبل : ليس بعيب ; لأن عقد البيع يعتمد وصف المالية بدليل أن ما لا يتمول لا يصح بيعه ، والإسلام لا يتمول فلا يتناوله العقد ، فلا يجب به الرد ، وجوابه الآية : أن الأفضلية لا تقتضي النقص في الطرف الآخر ، لقوله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [ ص: 54 ] ومن ليس بأتقى ليس بناقص إجماعا ، والجواب : لا نسلم أن وصف الديانة غير متمول ; لأن المتمول ما بذل العقلاء الثمن لأجله ، لا يباع وحده بدليل الجمال أو النسب لا يباع وحده ، وديانة تنقص ، وإن شرط الكفر فوجدها مسلمة فلا رد ; لعلو الإسلام ، وقال محمد : إلا أن يقول : أردت زواجها من عبد نصراني لي ، ويعلم ذلك ، وإن شرط أنها نصرانية فوجدها يهودية ، فله الرد إن كانت رغبة الناس إلى النصرانية أكثر .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية