الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الشهادة في اللعان

( قال ) : رضي الله عنه وإذا شهد الزوج ، وثلاثة نفر على المرأة بالزنا جازت شهادتهم ، وأمضي عليها الحد عندنا ، وقال الشافعي : رحمه الله تعالى لا تقبل شهادة الزوج على زوجته بالزنا لأنه خصم في ذلك فإنه يصير قاذفا لها مستوجبا للعان ، ولا شهادة للخصم ، ولأنه شاهد طعن لأن الزوج يغيظه زناها فيحمله ذلك على أن يشهد عليها لا بطريق الحسبة ولأنه يدعي عليها الجناية في أمانته فالفراش أمانة الزوج عندها ، ولا شهادة للمدعي ، ولكنا نقول : لو شهد عليها بحق آخر قبلت الشهادة لظهور العدالة ، وانتفاء التهمة فكذلك بالزنا بل أولى ; لأن انتفاء التهمة هنا أظهر ، والظاهر أن الزوج يستر الزنا على امرأته ; لأن ذلك يشينه ومعنى الغيظ الذي قال يبطل [ ص: 55 ] بالأب إذا شهد على ابنته بالزنا تقبل ، وإن كان يغيظه زناها ، ولا معنى لقوله إنه خصم ; لأن إخراجه الكلام مخرج الشهادة في الابتداء يمنع كونه خصما مستوجبا للعان كالأجنبي ، فإن قذف الأجنبي موجب للحد ، ثم إذا أخرج الكلام مخرج الشهادة في الابتداء لم يكن مستوجبا للحد ، وكان محتسبا في الشهادة بخلاف ما لو قذفها أولا ; لأنه صار مستوجبا للعان فإنما يقصد بالشهادة بعد ذلك إسقاط اللعان عن نفسه ، والحد الواجب بزناها يخلص حقا لله تعالى ، وإنما يكون الزوج مدعيا إذا قصد بشهادته إثبات حق لنفسه ، وليس في هذه الشهادة إثبات حق له ولو ردت شهادتهم بأن لم يعدلوا لم يجب اللعان على الزوج ، كما لا يجب الحد على الأجانب لتكامل عدد الشهود ، وذكر ابن سماعة عن أبي يوسف - رحمهما الله تعالى - قال : لو قذفها الزوج ثم جاء بأربعة يشهدون عليها بالزنا فلم يعدلوا لاعنها الزوج ; لأنه قد استوجب اللعان بقذفه فلا يسقط عنه إلا بثبوت الزنا عليها ، والأصح أنه لا يلاعنها ; لأن القاذف لو كان أجنبيا فأقام أربعة من الشهداء بهذه الصفة لم يحد ، وكذلك لا يلاعنها الزوج .

ولو شهد مع الزوج ثلاثة من العميان بالزنا عليها يحد العميان ، ويلاعنها الزوج ; لأنه يتيقن بكذب العميان في الشهادة بالزنا ، فإن تحمل هذه الشهادة لا يكون إلا عن معاينة وليس للعميان تلك الآلة فلا تعتبر شهادتهم ، ويلزمهم الحد بالقذف ، ويلاعنها الزوج بقذفه أيضا بخلاف الفساق فإن لهم في الزنا شهادة ; لأنا لا نتيقن بكذبهم فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية