الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          معلومات الكتاب

                          علاقة المغاربة بفلسطين (الرحلة والوقف)

                          الدكتور / حسن يشو

                          المطلب الرابع: من هو أبو مدين الغوث بطل وقفية عين كارم؟

                          والحق أن في هذه الشجرة المورقة، والدوحة المنيفة، اسمين لأبي مدين:

                          الأول: أبو مدين الجد المعروف بالغوث.

                          والثاني: أبو مدين الحفيد المجاهد.

                          أما الأول أبو مدين الغوث؛ فهو الذي تذكر كتب التراجم أنه تلقى العلم عن مشايخ مدينة فاس العاصمة العلمية للمغرب، على غرار أبي يعزي وابن حرزهم وابن غالب، تماما كما أخذ العلم عن مشايخ المشرق، يتصدرهم الشيخ عبد القادر الكيلاني، الذي لقيـه بالحـرم الشـريف وجـبـل عرفة وأخـذ عنه، كما كان للشيخ أبي مدين الغوث طلاب وتلامذة زهاء ألف طالب، يناهزونها أو يزيدون عنها قليلا. وذكروا أن الشيخ عبد السلام بن مشيش (ت626هـ) [ ص: 122 ] كان من الصفوة منهم. وما زالت حومة الرميلة بمدينة فاس تشهد على أثر الشيخ أبي مدين، حيث يوجد بها مسجد ""أبو مدين"" وهو المكان، الذي مثل متعبده ومدرسته كذلك. فقد كان -رحمة الله عليه- من رؤوس المالكية في زمانه، معدودا ضمن طبقة الشعراء، وقد كان مجاهدا بحيث أسهم في نصرة المسلمين وصد الغزو عنهم؛ والشاهد عليه، كونه قد تعرض للأسر من قبل الروم، وقد توفي -رحمة الله عليه- عام 593هـ بضواحي مدينة تلمسان. ويحكى أنه كان لأبي مدين الغوث ولد من جارية حبشية سماه محمدا رباه أحد تلامذته وهو الإمام عبد القادر الجزولي دفين الإسكندرية، وكان محمد هذا قوي الشكيمة؛ مما حمل بعض المؤرخين كالدكتور عبد الهادي التازي إلى التـرجيح بأنه هـو الذي تنعتـه وثيقـة الوقف بالمجـاهد على افتراض أنه توفي عام 643هـ، وقد خلف ابنا سمـاه على والده "أبا مدين" وهو صاحب الزاوية في القـدس الشـريف؛ وقـد توفي بالقـدس بعيد تاريخ الوقف عام 720هـ، ولا يستبعد أن الجد نزل بذلك الإيوان لدى زيارته لبيت المقدس على إثر عودته من رحلة الحج، وأن الحفيد اشترى الإيوان وجعله زاوية برورا بذكر سلفه وجده على الخصوص، والله أعلم [1] . [ ص: 123 ]

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية