الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          المبحث العاشر: الربعة المغربية (المصحف المريني):

                          المطلب الأول: انتساخ المصحف الشريف ووقفه على بيت المقدس: /14

                          هذا، وقد انبرى السلطان أبو الحسن المريني بانتساخ مصحف شريف بيده سنة 745هـ، وجمع الوراقين لتنميقه وتذهيبه، ثم أرسله إلى بيت المقدس، ويتكون هذا المصحف المريني من ثلاثين جزءا ويدعى بالربعة المغربية. غير أنه كان متميزا ومتألقا في حلته القشيبة وصنعته البهية؛ وجودة إخراجه المتقن؛ بحيث إنه أولا انتسخه بيده؛ وهذا حال الملوك والأمراء قديما بحيث كانت لهم دراية ببعض العلوم والفنون؛ والقيام بالنفس لأداء هذه المهمة لها دلالة بالغة؛ فالله حين خلق الإنسان كرمه وقد كان من جملة تكريمه أن تولى خلقه بيده؛ لقوله تعالى: ( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين ) (ص:75).

                          ثم جمع السلطان المريني مختلف القراء المتقنين؛ لضبط تلكم النسخة وتهذيبها، وزادها إحكاما بوضعها في ظرف مصنوع من الأبنوس والعاج والصندل مغشى بصفائح الذهب ومغلفا برقاع من الحرير والديباج. وكان أفضل هدية قدمت للقدس وتحمل معاني كثيرة، منها عناية الملوك بالقرآن، [ ص: 142 ] وتوليهم بأنفسهم كتابته ورسمه، ثم الاهتمام البالغ بالأرض المقدسة وأن يكون لهم أثر بها؛ وكأن لسان أحوالهم يلهج بذكره تعالى: ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) (الشعراء:84).

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية