الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قنع ) القاف والنون والعين أصلان صحيحان ، أحدهما يدل على الإقبال على الشيء ، ثم تختلف معانيه مع اتفاق القياس; والآخر يدل على استدارة في شيء .

                                                          فالأول الإقناع : الإقبال بالوجه على الشيء . يقال : أقنع له يقنع إقناعا .

                                                          [ ص: 33 ] والإقناع : مد اليد عند الدعاء . وسمي بذلك عند إقباله على الجهة التي يمد يده إليها . والإقناع : إمالة الإناء للماء المنحدر .

                                                          ومن الباب : قنع الرجل يقنع قنوعا ، إذا سأل . قال الله سبحانه : وأطعموا القانع والمعتر . فالقانع : السائل; وسمي قانعا لإقباله على من يسأله ، قال :


                                                          لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع

                                                          ويقولون : قنع قناعة ، إذا رضي . وسميت قناعة لأنه يقبل على الشيء الذي له راضيا . والإقناع : مد البعير رأسه إلى الماء للشرب . قال ابن السكيت : قنعت الإبل والغنم للمرتع ، إذا مالت له . وفلان شاهد مقنع; وهذا من قنعت بالشيء ، إذا رضيت به; وجمعه مقانع . تقول : إنه رضى يقنع به . قال :


                                                          وعاقدت ليلى في الخلاء ولم تكن     شهودي على ليلى شهود مقانع

                                                          وأما الآخر فالقنع ، وهو مستدير من الرمل . والقنع والقناع : شبه طبق تهدى عليه الهدية . وقناع المرأة معروف ، لأنها تديره برأسها . ومما اشتق من هذا القناع قولهم : قنع رأسه بالسوط ضربا ، كأنه جعله كالقناع له .

                                                          ومما شذ عن هذا الأصل الإقناع : ارتفاع الشيء ليس فيه تصوب . وقد يمكن أن يجعل هذا أصلا ثالثا ، ويحتج فيه بقوله تعالى : مهطعين مقنعي رؤوسهم . قال أهل التفسير : رافعي رؤوسهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية