الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن جهل [ ص: 209 ] أو من له ، وبغير إذنه : كأدائه رفقا لا عنتا فيرد : كشرائه ، [ ص: 210 ] وهل إن علم بائعه وهو الأظهر ؟ تأويلان

التالي السابق


( و ) يصح الضمان بالدين الثابت اللازم إن كان معلوما ، بل ( وإن جهل ) بضم فكسر الدين حالا ومآلا ، الحط من صور هذه المسألة ما في المدونة وهو من قال لرجل ما ذاب لك قبل فلان الذي تخاصم فأنا به حميل فاستحق قبله مالا كان هذا الكفيل ضامنا له . عياض ذاب بذال معجمة فألف ساكنة فموحدة أي ثبت وصح .

في التوضيح إن ثبت ببينة فلا إشكال ، وإن أقر به بعد الضمان فقولان استقراهما .

عياض وغيره منها ابن المواز ما أقر به قبل الحمالة يلزمه غرمه ، وقيد ابن سحنون القول بأنه لا يلزمه بعسر الغريم . وأما الموسر فلا تهمة في إقراره ثم قال قال ابن يونس تجوز الحمالة بالمال إلى أجل مجهول ، ويضرب له من الأجل بقدر ما يرى . قال ابن القاسم من [ ص: 209 ] قال لرجل إن لم يوفك فلان حقك فهو علي ولم يضرب لذلك أجلا تلوم له السلطان بقدر ما يرى ، ثم يلزمه المال إلا أن يكون الغريم حاضرا مليا ، وإن قال إن لم يوفك حقك فلان حتى يموت فهو علي فلا شيء على الكفيل حتى يموت الغريم يريد عديما .

ابن يونس لو مات الحميل قبل موت الغريم وجب أن يوقف من ماله قدر الدين ، فإن مات المحمول عنه عديما أخذ المحمول له ذلك الموقوف . وفي المدونة لا بأس أن يتكفل بمال إلى خروج العطاء وإن كان مجهولا إن كان في قرض أو في تأخير ثمن بيع صحت عقدته ، وإن كان في أصل بيع لم يجز إذا كان العطاء مجهولا .

ويصح الضمان بالدين الثابت اللازم سواء علم المضمون له ( أو ) جهل ( من ) أي الشخص الذي الدين ( له ) إذ لا يختلف الضمان بمعرفته وعدمها ( و ) صح الضمان ( بغير إذنه ) أي المضمون ، ويستفاد منه صحة ضمانه وإن جهله الضامن . البناني جرت عادة الموثقين بذكر رضا المدين بضمانه ، وسببه والله أعلم ما قاله المتيطي أن بعض العلماء ذهب إلى أن الحمالة لا تلزم المديان إلا بشرط كونها بأمره . ابن عرفة نصوصها مع غيرها بصحة الحمالة دون رضا المتحمل عنه واضحة . المتيطي وابن فتوح من العلماء من قال لا تلزم الحمالة الذي عليه الحق إلا بأمره ، ولذا كتب كثير من الموثقين تحمل فلان عن فلان بأمره .

وشبه في الجواز فقال ( كأدائه ) أي الدين لربه من غير المدين بلا إذنه فيصح إذا أداه عنه ( رفقا ) بالمضمون في الأولى وبالمؤدى عنه في الثانية ( لا ) يصح الضمان ولا التأدية إن ضمنه أو أدى عنه ( عنتا ) بفتح العين المهملة والنون فمثناة فوقية أي لإضراره بسوء طلبه وحبسه لعداوة بينهما ( فيرد ) بضم التحتية وفتح الراء وشد الدال المال الذي أداه لرب الدين لمؤديه إن كان باقيا بعينه ، فإن فات رد له عوضه ، وإن تعذر رده بغيبة المدفوع له أقام الحاكم من يقبض من المدين ويدفع للمؤدي عنتا .

وشبه في المنع للعنت والرد فقال ( كشرائه ) أي الدين عنتا فيرد ، فإن فات رد عوضه إلخ ما تقدم . ابن عرفة وفي كتاب المديان منها من أدى عن رجل دينا بغير أمره [ ص: 210 ] جاز إن فعله رفقا بالمطلوب ، وإن أراد الضرر بطلبه وإعناته لعداوة بينهما منع من ذلك ، وكذلك إن اشترى دينا عليه لم يجز البيع ورد إن علم . أبو الحسن قصد الضرر من أعمال القلب فإنما يعلم بإقراره قبل ذلك أو بقرائن تدل عليه .

( وهل ) رد شراء الدين عنتا ( إن علم بائعه ) أي الدين يقصد مشتريه بشرائه العنت فإن لم يعلمه فلا يرد ويباع الدين على المشتري لشخص ليس بينه وبين المدين عداوة ليرتفع ضرره به ( وهو ) أي التقييد بعلم بائعه ( الأظهر ) عند ابن رشد من خلاف من تقدمه .

" غ " إنما وقفت على هذا الترجيح لابن يونس ، وعنه نقله في التوضيح فإن لم يقله ابن رشد فصوابه وهو الأرجح . ابن عرفة لو ثبت قصد مشتري الدين ضرر المدين والبائع جاهل بذلك ، ففي فسخ بيعه ومضيه ويباع على مشتريه نقلا عبد الحق عن بعض القرويين وغيره مع الصقلي ، أو لا يشترط علم بائعه قصد مشتريه الضرر بشرائه فيرد وإن لم يعلم بائعه وهو ظاهرها عند ابن يونس وغيره في الجواب ( تأويلان )




الخدمات العلمية