الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إلا بابا ، إن نكب

التالي السابق


( إلا بابا ) أحدث بسكة غير نافذة فليس للجار منعه إن ( نكب ) بضم النون وكسر [ ص: 329 ] الكاف مشددة ، أي أميل عن مقابلة باب الجار يمينا وشمالا ، فإن فتح مقابلا له فله منعه . ابن عات حصل ابن رشد في فتح الرجل بابا أو تحويله عن موضعه في زقاق غير نافذ ثلاثة أقوال ، أحدها : إنه لا يجوز بحال إلا بإذن باقيهم ، ذهب إليه ابن زرب وأقامه من المدونة وبه جرى العمل بقرطبة .

ثانيها : إن له ذلك إلا ما يقابل باب جاره أو يقرب منه بحيث يقطع مرفقا عنه ، وهو قول ابن القاسم في المدونة وابن وهب .

ثالثها : له تحويل بابه على هذه الصفة إذا سد الباب الأول ، وليس له أن يفتح فيها بابا لم يكن قبل بحال ، وهذا دليل قول أشهب في سماع زونان . ويتحصل في فتح الرجل بابا أو حانوتا في مقابلة باب جاره في زقاق نافذ ثلاثة أقوال ، أحدها : أن ذلك له جملة من غير تفصيل ، وهو قول ابن القاسم في المدونة وأشهب هاهنا .

والثاني : ليس له ذلك جملة من غير تفصيل إلا أن ينكبه وهو قول سحنون .

والثالث : إن ذلك له إذا كانت السكة واسعة ، وهو قول ابن وهب هاهنا ، والسكة الواسعة ما فيها سبعة أذرع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { الطريق الميتاء سبعة أذرع } ، رواه ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، فيها ليس لك أن تفتح في سكة غير نافذة بابا يقابل باب جارك أو يساويه ولا تحول بابا هناك إذا منعك لأنه يقول الموضع الذي تريد أن تفتح فيه بابك لي فيه مرفق أفتح فيه بابي في سترة ولا أدعك أن تفتح قبالة بابي أو قربه فتتخذ علي ، فيه المجالس وشبه هذا من الضرر ، فلا يجوز أن يحدث على جاره ما يضر به .

وأما في السكة النافذة فلك أن تفتح ما شئت أو تحول بابك حيثما شئت وفي المجموعة لابن القاسم وأشهب أنه يمنع في غير النافذة من أن يضر بجاره في أن يفتح قبالته أو بقرب من بابه ولا يمنع ما لا يضر به من ذلك . وأما النافذة فله أن يفتح فيها ما شاء من الأبواب أو يقدمها ابن عرفة لما ذكر المتيطي الحديث السابق في تحديد الطريق قال الميتاء الواسعة ا هـ . [ ص: 330 ] الحط لم أقف على ما ذكره عن المتيطية بل ذكرت في هامش نسخة منها تأمل الميتاء ما هي ، وتفسير الميتاء الواسعة ذكره في فتح الباري ، ولكنه خلاف المشهور عند أهل اللغة وغريب الحديث قال في الصحاح في فصل الهمزة من باب المعتل والميتاء الطريق العامرة ومجتمع الطريق أيضا ميتاء ومبداد انتهى . وقال المطرزي في المغرب وطريق ميتاء تأتيه الناس كثيرا ، وهو مفعال من الإتيان ، ونظيره دار محلال للتي تحل كثيرا . وفي النهاية في باب الميم مع الياء ، وفي حديث اللقطة ما وجدت في طريق ميتاء فعرفه سنة أي طريق مسلوك وهو مفعال من الإتيان ، والميم زائدة ، وبابه الهمزة انتهى ، يعني أن ما ذكره في باب الميم تسهيلا على الطالب على عادته .

وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات في باب الميم وفي الحديث طريق ميتاء بكسر الميم وبعدها همزة والمد وتسهل فيقال ميتاء بياء ساكنة كما في نظائره ، قال صاحب المطالع معناه كثير السلوك عليه مفعال من الإتيان ا هـ . وفي فتح الباري الميتاء بكسر الميم وسكون التحتانية والمد بوزن مفعال من الإتيان والميم زائدة . أبو عمر والشيباني الميتاء أعظم الطرق ، وهي التي يكثر مرور الناس بها . وقال غيره هي الطريق الواسعة وقيل العامرة . ا هـ . ورأيت في البيان والمتيطية ومختصر ابن عرفة بالثاء المثلثة وليس بظاهر ففي الصحاح الميتاء الأرض السهلة ، والجمع ميت مثل هيفاء وهيف ونحوه في القاموس ، وليس هذا بمراد هنا .




الخدمات العلمية