[ 6628 ] أخبرنا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان الجلاب بهمذان ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين بن ديزيل - ح
وأخبرنا ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشافعي ، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي قالا : حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة المدني مولى عثمان بن عفان ، حدثنا ، عن مالك بن أنس يحيى بن سعيد [ ص: 253 ] الأنصاري ، عن وعبيد الله بن عمر ، أخبرني ابن شهاب عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وعلقمة بن وقاص الليثي ، عن زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله منه ، فكلهم حدثني بطائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض ، وأثبت لها اقتصاصا ، وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديث الذي حدثني [ عن عائشة وبعضهم يصدق وإن كان بعضهم أوعى من بعض زعموا أن ] عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، قالت : فأقرع بيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها ، فخرج سهمي فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم [ معه فكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه ، فلما فرغنا ورجع النبي صلى الله عليه وسلم ] من غزوته تلك ، أذن ليلة بالرحيل فخرجت حين أذنوا بالرحيل فمشيت ، حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فلمست صدري ، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع ، فخرجت فالتمست عقدي [ ص: 254 ] وحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فحملوا هودجي ، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ، ولم يحملن اللحم ، إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين حملوه ، وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش ، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة إذ غلبتني عيناي فنمت وكان عائشة صفوان بن المعطل الصفواني ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، ووالله ما كلمته كلمة ولا سمعت منه غير استرجاعه حين عرفني ، حتى أناخ راحلته ووطئ على يدها فركبتها ، وانطلق يقود بي الراحلة ، حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين في نحر الظهيرة ، وهلك في من هلك ، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله [ ص: 255 ] بن أبي ابن سلول ، فقدمنا المدينة ، فشكيت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ، وأنا لا أشعر [ بشيء من ذلك غير أنه يريبني أني لا أعرف من رسول الله اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ، ثم يقول : " كيف تيكم ؟ " فذلك الذي يريبني ، وأنا لا أشعر ] بالشر حتى نقهت ، فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع وكان متبرزنا لا نخرج إليها إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وإنما أمرنا أمر العرب الأولى في البرية قبل الغائط ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا ، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، وأم مسطح هي ابنة أبي إبراهيم بن المطلب بن عبد مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب فعثرت أم مسطح في مرطها ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئسما قلت [ أتسبين رجلا شهد بدرا يا أمتاه ، قالت أو ما علمت أو ما سمعت ما قال : قلت ] : وماذا قال : فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا على مرضي ، فلما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كيف تيكم ؟ " فقلت له : ائذن لي أن آتي أبوي ، وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما ، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمتاه! ما يتحدث به الناس ؟ فقالت : يا بنية هوني عليك هذا الشأن فوالله لقلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها ، فقلت : سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا ، قالت : فبكيت تلك الليلة ، حتى أصبحت ثم [ ص: 256 ] أصبحت ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله ، فأما وأسامة بن زيد أسامة فإنه أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم من الود لهم ، قال : يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرا ، وأما علي فقال : يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء لكثير سواها وسل الجارية تصدقك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا بريرة هل رأيت على بريرة شيئا تنكرينه عليها ؟ " قالت : لا ، والذي بعثك بالحق ما رأيت على عائشة شيئا أغمصه عليها غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ، قالت عائشة : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر حين استلبث الوحي يستعذر من عائشة عبد الله بن أبي ابن سلول فقال : " يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغ أذاه في أهلي ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا وهو معي " فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ، فقام سعد بن عبادة الخزرجي - وهو سيد الخزرج - وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية - فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ، فقام سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ، قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ولا أظن البكاء إلا فالق كبدي ، قالت : فبينا أنا أبكي [ ص: 257 ] وأبواي عندي إذ استأذنت علي امرأة من عائشة الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معنا ، فبينا نحن على ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ، ثم جلس ، ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل قبلها ، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء ، قالت : فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال : " يا أما بعد : فقد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ، وتوبي إليه ، فإن عائشة " العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه .
قالت : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه بقطرة ، فقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت وإني لجارية حديثة السن لا أقرأ شيئا من القرآن والله لقد علمت أنكم سمعتم بهذا الحديث واستقر في أنفسكم ، ولئن قلت لكم : إني بريئة والله يعلم أني بريئة ، وأعلم أنه يبرئني ببراءتي لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني ، فوالله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أن أبا يوسف قال : ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) .
زاد ابن ديزيل في حديثه : ونسيت اسم يعقوب لما بي من الحزن واحتراق القلب ثم رجع إلى حديثهما معا قالت : ثم تحولت إلى فراشي ونمت وأنا أعلم أني بريئة ، والله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما علمت أن الله ينزل في شأني قرآنا يتلى ولشأني أحقر في نفسي من أن ينزل الله في بوحي يتلى ، قالت : فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ذاك ، ولا خرج أحد من أهل البيت ، حتى أخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر [ ص: 258 ] مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي ، قالت : فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم كان أول كلمة تكلم بها أن قال : " يا عائشة أما الله فقد برأك " فقالت لي أمي : قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : والله لا أقوم ولا أحمد إلا الله تعالى ، قالت : وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم ) العشر الآيات كلها قالت : فلما أنزل الله في براءتي هذا ، قال وكان ينفق على أبو بكر الصديق مسطح بن أثاثة لقرابته منه : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال ما قال قالت : فأنزل الله ( لعائشة ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) .
فقال : بلى ، والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى أبو بكر الصديق مسطح نفقته التي كان ينفق عليه ، فقال : والله لا أنزعها أبدا ، قالت : وكانت عائشة التي تساميني من بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع فطفقت أختها زينب بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك قال حمنة : فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل ابن شهاب عن شأن بريرة ، قالت : يا رسول الله تسألني عن عائشة ، فوالله عائشة أطيب من طيب الذهب ، ولئن كان ما يقول الناس حقا ليخبرنك الله تعالى . لعائشة
قال : فهذا ما انتهى إلينا من خبر هؤلاء الرهط . ابن شهاب
هذا حديث مخرج في الصحيحين من حديث يونس بن يزيد وصالح بن كيسان وفليح بن سليمان وغيرهم عن . الزهري
[ ص: 259 ] وهو غريب من حديث عن مالك ، عبيد الله بن عمر عن ويحيى بن سعيد . الزهري
تفرد به . إسحاق بن محمد الفروي
[ ص: 260 ] ومقصودنا في هذا الموضع من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ، وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه " .
فأمر بالتوبة إن كان الذنب موجودا ، وأخبر بقبول الله تعالى توبة العبد متى ما اعترف بذنبه ، وتاب منه وأخبرني خبرا آخر أن الندم توبة .