الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
" حديث أويس القرني " [ 6380 ] أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن شجاع بن الحسن بن موسى البزاز الصوفي ببغداد قراءة عليه في جامع المنصور ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الأنباري ، حدثنا أحمد بن الخليل البرجلاني ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أسير بن جابر قال : كان محدث بالكوفة يحدثنا ، فإذا فرغ من حديثه تفرقوا ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا نسمع أحدا يتكلم بكلامه ، فأتيته ففقدته فقلت لأصحابي : هل تعرفون رجلا كان يجالسنا كذا وكذا ؟ فقال رجل [ ص: 129 ] من القوم : نعم أنا أعرفه ، ذاك أويس القرني ، قلت : أفتعرف منزله ؟ قال : نعم فانطلقت معه حتى جئت حجرته فخرج إلي ، فقلت : يا أخي ما حبسك عنا ؟ قال : العري ، قال : وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه ، قال : فقلت : خذ هذا الثوب يعني البرد فالبسه ، قال : لا تفعل فإنهم إذا يؤذونني إذا رأوه قال : فلم أزل به حتى لبسه ، فخرج عليهم ، فقالوا : من ترون خدع عن برده هذا ؟ قال : فجاء فوضعه قال : أترى ؟ قال : فأتيت المجلس فقلت : ما تريدون من هذا الرجل ، قد آذيتموه ، الرجل يعرى مرة ويكتسي أخرى ، قال : فأخذتهم بلساني أخذا شديدا قال : فقضى أن أهل الكوفة وفدوا على عمر بن الخطاب ، فوفد رجل منهم ممن كان يسخر به فقال عمر : ما هاهنا أحد من القرنيين ؟ قال : فجاء ذلك الرجل فقال عمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له ، وقد كان به بياض ، فدعا الله عز وجل فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدينار - أو - الدرهم فمن لقيه منكم فأمروه أن يستغفر لكم " .

قال عمر : فقدم علينا ، فقلت : من أين ؟ قال : من اليمن ، قلت : ما اسمك ؟ قال : أويس ، قلت : فمن تركت باليمن ؟ قال : أما لي ، قال : قلت : أكان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟ قال : نعم ، قال : قلت : استغفر الله لي قال : أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : فاستغفر لي ، قال : قلت : أنت أخي لا تفارقني ، قال : فانملس مني فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة ، قال : فجعل ذلك الذي يسخر به يحقره ، قال : يقول : ما هذا فينا ولا نعرفه قال عمر : بلى إنه رجل كذا قال كأنه يضع بشأنه : فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال له أويس ، قال : أدرك أو لا أراك تدرك ، قال : فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله فقال له أويس : ما هذه بعادتك فما بدا لك ؟ قال : سمعت عمر يقول فيك كذا وكذا فاستغفر لي يا أويس قال : لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد ، وألا تذكر ما سمعته من عمر إلى أحد [ قال : فاستغفر له ، قال : أسير : فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة ] قال : فدخلت عليه فقلت له : يا أخي ألا أراك العجب ونحن لا نشعر فقال : ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس وما يجزى كل عبد إلا بعمله قال : ثم انملس مني فذهب [ ص: 130 ]

رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن النضر هاشم بن القاسم مختصرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية