الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
" حديث الغار في بني إسرائيل "

[ 6704 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس بن سلمة العنزي ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثني أبو اليمان أن شعيب بن أبي حمزة ، أخبره عن الزهري ، حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار ، فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه والله لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم ، فقال رجل منهم : اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران ، فكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فناء بي طلب الشجر يوما ، فلم أرح عليهما حتى ناما ، فحلبت لهما غبوقهما فجئتهما به فوجدتهما نائمين ، فتحرجت أن أوقظهما ، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا ، فقمت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر ، فاستيقظا فشربا غبوقهما ، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت انفراجا لا يستطيعون الخروج منها " ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وقال الآخر : اللهم كانت لي بنت عم وكانت أحب الناس إلي ، فأردتها عن نفسها ، فامتنعت مني ، حتى ألمت بها سنة من السنين ، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ، ففعلت ، حتى إذا قدرت عليها ، قالت : لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه ، فتحرجت من [ ص: 316 ] الوقوع عليها ، فانصرفت عنها وهي أحب النساء إلي ، وتركت الذهب الذي أعطيتها ، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها " ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثم قال الثالث : اللهم استأجرت أجراء فأعطيتهم أجورهم غير رجل واحد منهم ترك الذي له ، وذهب فثمرت أجره ، حتى كثرت منه الأموال وارتعجت ، فجاءني بعد حين فقال لي : يا عبد الله ، أد إلي أجري ، فقلت له : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق ، فقال : يا عبد الله لا تستهزئ بي ، فقلت : إني لا أستهزئ بك ، فأخذ ذلك كله فاستاقه ، فلم يترك منه شيئا ، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة فخرجوا من الغار يمشون " .

رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان .

ورواه مسلم عن عبد الله بن عبد الرحمن وغيره عن أبي اليمان .

وقوله : " ارتعجت " يعني : كثرت .

[ ص: 317 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية