فالأول نسيت الشيء ، إذا لم تذكره ، نسيانا . وممكن أن يكون النسي منه . والنسي : ما سقط من منازل المرتحلين ، من رذال أمتعتهم ، فيقولون : تتبعوا أنساءكم . قال الشنفرى :
[ ص: 422 ]
كأن لها في الأرض نسيا تقصه على أمها وإن تكلمك تبلت
وعلى ذلك يفسر قوله تعالى : نسوا الله فنسيهم ، وكذلك قوله سبحانه : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ، أراد والله أعلم : فترك العهد . ومما شذ عن الأصلين النسا : عرق ، والجمع أنساء ، والاثنان نسيان ويقولون : هو النسا ، وهو عرق النسا ، كل ذلك يقال . قال :فأحذيته لما أتاني بقربة كعرق النسا لم يعط بطنا ولا ظهرا
وإذا همز تغير المعنى إلى تأخير الشيء . ونسئت المرأة : تأخر حيضها عن وقته فرجي أنها حبلى . والنسيئة : بيعك الشيء نساء ، وهو التأخير . تقول : أنسأت . ونسأ الله في أجلك وأنسأ أجلك : أخره وأبعده . وانتسؤوا ، تأخروا وتباعدوا . ونسأتهم أنا : أخرتهم . ونسأت ناقتي ، قال قوم : رفقت بها في السير . ونسأتها : ضربتها بالمنسأة : العصا . وهذا أقيس ، لأن العصا كأنه يبعد بها الشيء ويدفع .
[ ص: 423 ] والنسء : ما نبت من وبر الناقة بعد تساقط وبرها . والقياس واحد . كأن هذا الثاني تأخر . قال أبو زيد : نسأت الإبل في ظمئها ، إذا زدتها في ظمئها يوما أو يومين . والنسيء في كتاب الله : التأخير ، كانوا إذا صدروا عن منى يقوم رجل من كنانة فيقول : أنا الذي لا يرد لي قضاء . فيقولون : أنسئنا شهرا ، أي أخر عنا حرمة المحرم فاجعلها في صفر . وذلك أنهم كانوا يكرهون أن يتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يغيرون فيها ، لأن معاشهم كان من الإغارة ، فأحل لهم المحرم . فقال الله تعالى : إنما النسيء زيادة في الكفر . ومما شذ عن الباب النسء : بدء السمن في الدواب . قال أبو ذؤيب :
بها أبلت شهري ربيع كليهما فقد مار فيها نسؤها واقترارها
سقوني النسء ثم تكنفوني عداة الله من كذب وزور