الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          معلومات الكتاب

                          علاقة المغاربة بفلسطين (الرحلة والوقف)

                          الدكتور / حسن يشو

                          المطلب الثاني: رحلة أبي سالم العياشي

                          [1] :

                          إن للعياشي [2] كتبا كثيرة [3] غير أن معظمها ما يزال مخطوطا والذي يهمنا منها رحلته المشهورة بـ"ماء الموائد" [4] ، أو "الرحلة العياشية"؛ وهي مطبوعة؛ وعنوانها يشي بأنها عمل لا غنى عنه كما لا يستغني الإنسان عن الماء، سواء في الموائد أو غيرها. [ ص: 57 ]

                          وها هو الرحالة يعقد العزم على الرحلة إلى فلسطين؛ كاشفا عنها بقوله: "تجددت لنا نية السفر إلى القدس الشريف وزيارة ثالث الحرمين ومشاهدة الأرض المقدسة المباركة، ومعاينة آثار الأنبياء، وزيارة الخليل وبنيه، عليهم الصلاة والسلام. وكان ذلك يختلج في أفكارنا أيام المجاورة كلها، ونرغب إلى الله تعالى في تيسير ذلك في رمضان الإجابة، وهي إحدى المسائل التي سألت الله تعالى فيها بالملتزم... فمن الله بالإجابة" [5] .

                          وقد رحل العياشي إلى غزة ولقي العالم عبد القادر الغصين والشيخ عمر الشرقي قاضي الحنفية [6] بغزة، وكان العياشي يرغب في زيارة عسقلان، ولكنه اكتفى برؤيتها من بعيد.

                          وقال: إن البساتين ممتدة من غزة إلى عسقلان. وعد من مزارات غزة قبر هاشم بن عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقبر الإمام الأوزاعي، ومولد الإمام الشافعي.

                          وبعـد إقـامـة خمسـة أيام في غزة، ارتحل العياشي عنها من الثاني عشر من صفر 1074هـ. واكترى هـو وصاحبـاه حمـارين إلى الرحـلـة. وتخـففـوا من [ ص: 58 ] بعض حوائجهم فتركوها في غزة لحين الرجوع. وقد كتب إليه الشيخ عبد القادر الغصين رسائل إلى أعيان الرملة [7] والخليل والقدس، يوصي به وبأصحابه خيرا.

                          وقد وصل العياشي إلى القدس، ولم يكن غرضه سوى التعرف على أهل العلم والصـلاح علاوة على زيارة الأماكن الأثرية ولم يخض في وصف الأسواق وغيرها، لكنه خص في رحلته الحديث عن قبة الصخرة، وزاوية المغاربة، وبعض أبواب المدينة. [ ص: 59 ]

                          وقد لـقي العياشـي أعلاما بالقدس على رأسهم الشيخ محمد النفاتي [8] ، وشهاب الدين الحنفي المصري [9] ، والشيخ عمر العلمي [10] ، والشيخ محمود السالمي [11] وغيرهم كثير. [ ص: 60 ]

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية