3535 3536 3537 3538 3539 3540 ص: وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : قد يجوز أن يكون النبي - عليه السلام - أحرم منها لا لأنه قصد أن يكون إحرامه منها خاصة لفضل الإحرام منها على الإحرام مما سواها ، وقد رأيناه فعل أشياء في حجته في مواضع لا لفضل قصده في تلك المواضع مما تفضل به غيرها من سائر المواضع ، من ذلك نزوله بالمحصب من منى ، فلم يكن ذلك لأنه سنة ؛ ولكن لمعنى آخر قد اختلف الناس فيه ، ما هو ؟
فروي عن عائشة - رضي الله عنها - في ذلك ما حدثنا يونس ، قال : ثنا أنس بن عياض ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت له : " إنما كان منزلا نزله رسول الله - عليه السلام - لأنه كان أسمح للخروج" ولم يكن عروة يحصب ولا أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنه - .
وروي عن أبي رافع أنه قال : " إنما أمرني رسول الله - عليه السلام - أن أضرب له الخيمة ، ولم يأمرني بمكان بعينه ، فضربتها بالمحصب" . .
حدثنا بذلك ابن أبي عمران ، قال : ثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : ثنا سفيان ، عن صالح بن كيسان ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي رافع .
وروي عن ابن عباس ما حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا خالد بن عبد الرحمن قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن شعبة - يعني مولى ابن عباس - أن ابن عباس قال : "إنما كان المحصب ؛ لأن العرب كانت تخاف بعضها بعضا ، فيرتادون فيخرجون ، فجرى الناس عليها" .
حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا خالد ، قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن صالح مولى التوأمة ، عن ابن عباس . . مثله ، غير أنه قال : "كانت تميم وربيعة يخاف بعضها بعضا" .
[ ص: 63 ] حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : " ليس المحصب بشيء ؛ إنما هو منزل نزله رسول الله - عليه . السلام - .
فلما كان رسول الله . - عليه السلام - قد حصب ولم يكن ذلك لأنه سنة ، فكذلك يجوز أن يكون أحرم حين صار على البيداء لا لأن ذلك سنة .


