الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3524 3525 ص: وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : بل ميقات أهل العراق ذات عرق ، ، وقت في ذلك لهم رسول الله - عليه السلام - كما وقت سائر المواقيت لأهلها ، وذكروا في ذلك ما حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : ثنا خالد بن يزيد ، وهشام بن بهرام المدائني ، قالا : ثنا المعافى بن عمران ، عن أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة : " أن النبي - عليه السلام - وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام ومصر الجحفة ، ولأهل العراق ذات عرق ، ولأهل اليمن يلملم" . .

                                                [ ص: 49 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 49 ] ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون ، وأراد بهم : الثوري وأبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور وأصحابهم ، وجمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم ، فإنهم قالوا : ميقات أهل العراق ذات عرق ، إلا أن الشافعي استحب أن يحرم العراقي من العقيق الذي بحذاء ذات عرق ، وقد مر تفسير ذات العرق والعقيق مستقصى ، وذكروا في ذلك حديث عائشة وأخرجه بإسناد صحيح عن محمد بن علي بن محرز البغدادي وثقه ابن يونس ، عن خالد بن يزيد ويقال ابن أبي يزيد - وهو الصواب - أبي الهيثم المزرفي القرني القطربلي من قرية بين المزرفة وقطربل تسمى القرن ، قال يحيى بن معين : ليس به بأس ، وروى له ابن ماجه .

                                                وعن هشام بن بهرام المدائني أبي محمد شيخ أبي داود ، وثقه ابن حبان والخطيب ، كلاهما [عن] المعافى بن عمران الأزدي أبي مسعود الموصلي قال ابن معين والعجلي وابن سعد : ثقة ، زاد ابن سعد : خير فاضل صاحب سنة . روى له البخاري وأبو داود .

                                                عن أفلح بن حميد بن نافع الأنصاري النجاري المدني ، روى له الجماعة سوى الترمذي ، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، روى له الجماعة ، عن عائشة الصديقة - رضي الله عنها - .

                                                وأخرجه أبو داود : قال : ثنا هشام بن بهرام المدائني ، قال ثنا المعافى بن عمران . . . إلى آخره نحوه ، ولفظه : "وقت لأهل العراق ذات عرق" .

                                                وأخرجه النسائي : أنا عمرو بن منصور ، قال : ثنا هشام بن بهرام ، قال : ثنا المعافى . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي ، وفيه نص على أن النبي - عليه السلام - وقت لأهل العراق ذات عرق .

                                                [ ص: 50 ] وقال أبو عمر : وقت رسول الله - عليه السلام - لأهل العراق ذات عرق كما وقت لأهل الشام الجحفة ، والشام يومئذ كلها دار كفر كما كانت العراق كذلك وغيرهما من البلدان .

                                                وقال عياض : وفي حديث جابر : قال أبو الزبير : أحسبه رفع إلى النبي - عليه السلام - . . . وذكر الحديث ، وفيه : "مهل أهل العراق ذات عرق" .

                                                وقال الدارقطني : وفي حديث أبي الزبير : "ومهل أهل العراق " نظر ، ولم يخرجه البخاري - رحمه الله - : يعني هذا الحديث ، ولم يكن العراق يومئذ يعني زمن النبي - عليه السلام - .

                                                قال القاضي : هذا مما لا يعل به الحديث ؛ فقد أخبر النبي - عليه السلام - عما لم يكن في زمانه مما كان وهذا يعد من معجزاته - عليه السلام - فإنه أخبر أنه سيكون لهم مهل ويسلمون ويحجون .




                                                الخدمات العلمية