الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3540 3541 3542 3543 ص: وقد أنكر قوم أن يكون رسول الله - عليه السلام - أحرم من البيداء ، وقالوا : ما أحرم إلا من عند المسجد ، ورووا ذلك عن ابن عمر .

                                                حدثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا عبد الله بن مسلمة ، قال : قرأت على مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم ، عن أبيه ، أنه قال : " بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله - عليه السلام - فيها ، ما أهل رسول الله - عليه السلام - إلا من عند المسجد ، يعني مسجد ذي الحليفة" .

                                                حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن موسى . . . فذكر بإسناده مثله .

                                                [ ص: 69 ] حدثنا نصر بن مرزوق ، قال : ثنا الخصيب ، قال : ثنا وهيب بن خالد ، عن موسى ... ، فذكر بإسناده مثله .

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء : محمد بن مسلم الزهري ، وعبد الملك بن جريج ، وعبد الله بن وهب ؛ فإنهم قالوا : ما أحرم رسول الله - عليه السلام - إلا من عند المسجد ، ورووا ذلك عن عبد الله بن عمر ، وأرادوا بالمسجد مسجد ذي الحليفة .

                                                وأخرجه من ثلاث طرق صحاح :

                                                الأول : عن يزيد بن سنان القزاز . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه مسلم قال : ثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن موسى بن عقبة . . . إلى آخره نحوه .

                                                وأخرجه أبو داود أيضا .

                                                الثاني : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه مالك في "موطأه" ، وابن وهب في "مسنده" .

                                                الثالث : عن نصر بن مرزوق ، عن الخصيب بن ناصح الحارثي البصري نزيل مصر ، عن وهيب بن خالد ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه عبد الله بن عمر .

                                                وأخرجه الترمذي : ثنا قتيبة بن سعيد ] ، قال : ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر قال : "البيداء التي تكذبون فيها على رسول الله - عليه السلام - والله ما أهل رسول الله - عليه السلام - إلا من عند المسجد من عند الشجرة" .

                                                [ ص: 70 ] قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

                                                قوله : "بيداؤكم هذه . . . " إلى آخره محمول على أنه أراد أن ذلك وقع منهم على جهة السهو ولا نظن به أنه كان ينسب الصحابة إلى الكذب الذي لا يحل ، وقد يجيء بمعنى أخطأ وسمي الخطأ كذبا لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب ، كما أن الكذب ضد الصدق وافترقا من حيث النية والقصد ، لأن الكاذب يعلم أن الذي يقوله كذب والمخطئ لا يعلم .

                                                قوله : "ما أهل رسول الله عليه السلام" قد ذكرنا أن أصل الإهلال في اللغة رفع الصوت ، وكل رافع صوته فهو مهل ، ومنه قيل للطفل إذا سقط من بطن أمه فصاح : قد استهل صارخا ، والاستهلال والإهلال سواء ، وأما الإهلال في الشريعة هو الإحرام بالحج وهو التلبية بالحج أو العمرة وينوي ما شاء منها .




                                                الخدمات العلمية