الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3668 ص: حدثنا روح بن الفرج ، قال : ثنا عمرو بن خالد ، قال : ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، أن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - حدثه : "أنه سمع أسماء لما مرت بالحجون تقول : صلى الله على رسول الله - عليه السلام - لقد نزلنا معه ها هنا ونحن خفاف الحقائب ، قليل ظهورنا ، قليلة أزوادنا ، فاعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير ، وفلان وفلان ، فلما مسحنا البيت أحللنا ، ثم أهللنا من العشي بالحج" .

                                                فهذه أسماء تخبر أن من كان حينئذ ابتدأ بعمرة فقد أحرم بعمرة فصار بها متمتعا .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا الإسناد عن عبد الله بن لهيعة وفيه مقال ، ولكن الحديث صحيح أخرجه الشيخان ، وأبو الأسود اسمه محمد بن عبد الرحمن بن نوفل المدني .

                                                فقال البخاري : ثنا أحمد بن عيسى ، نا ابن وهب ، نا عمرو ، عن أبي الأسود ، أن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر حدثه : "أنه كان يسمع أسماء تقول كلما مرت بالحجون : صلى الله على محمد ، لقد نزلنا من ها هنا ونحن يومئذ خفاف ، قليل ظهرنا . . " إلى آخره سواء .

                                                وقال مسلم : حدثني هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى ، قالا : نا ابن وهب . . إلى آخره نحو رواية البخاري .

                                                قوله : "بالحجون" على وزن فعول بفتح الفاء ، وهو موضع بمكة عند المحصب وهو الجبل المشرف بحذاء المسجد الذي يلي شعب الجزارين إلى ما بين الحوضين اللذين في حائط عوف ، وهو مقبرة أهل مكة ، وذكر بعضهم: الحجون مكان في البيت على ميل ونصف . وقال الجوهري الحجون بفتح الحاء جبل بمكة وهي مقبرة .

                                                [ ص: 183 ] قوله : "خفاف الحقائب" جمع حقيبة وهو كل ما حمل في مؤخر الرحل والقتب ومنه احتقب فلان كذا .

                                                قوله : "فلما مسحنا البيت" أي فلما طفنا بالبيت ، لأن الطائف يمسح الركن فعبر عن الطواف ببعض ما يفعل فيه ، ومنه قول ابن أبي ربيعة :


                                                ولما قضينا من منى كل حاجة . . . ومسح بالأركان من هو ما مسح



                                                فكني بالمسح عن الطواف ، قال عياض : وليس هذا اللفظ على عمومه ، والمراد به ما عدا عائشة - رضي الله عنها - لأنها كانت حاضت فلم تتمسح بالبيت ولم تطف ولا تحللت بذلك من عمرتها ، وإنما قصدت هنا الإخبار عن حجهم مع النبي - عليه السلام - على الصفة التي ذكرت ولم تتعرض لخبر عائشة وعذرها وخصوصها من بينهم ، وقيل : لعل أسماء أشارت إلى عمرة عائشة التي فعلت بعد الحج مع أخيها عبد الرحمن ، وأما قول من قال : لعلها أرادت في غير حجتهم مع النبي - عليه السلام - فخطأ لأن في الحديث النص أن ذلك كان في حجهم مع النبي - عليه السلام - ، فإن قيل : لم تذكر أسماء في حديثها هذا السعي بين الصفا والمروة فدل أن ذلك ليس بواجب .

                                                قلت : قال القاضي عياض : لا حجة في ذلك لمن لم يوجب السعي ؛ لأن هذا الحديث إنما هو إخبار عما فعلوا مع النبي - عليه السلام - في حجة الوداع ، والذي جاء فيه مفسرا أنهم طافوا معه وسعوا ، فيحمل ما أجمل وأشكل على ما فسر وبين ، فافهم .




                                                الخدمات العلمية