3909 ص: فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار .
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا قد وجدنا الأصل ، ورأيناه [ ص: 452 ] أن من أحرم بعمرة وطاف لها وسعى أنه قد فرغ منها ، وله أن يحلق ويحل ، هذا إذا لم يكن ساق هديا ، وبذلك جاءت السنة عن رسول الله - عليه السلام - جوابا إذا كان قد ساق هديا لمتعة ، وطاف لعمرة وسعى لم يحل من عمرته حتى يوم النحر ، فيحل منها ومن حجته إحلالا واحدا - رضي الله عنها - لما قالت له : لحفصة . "ما بال الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك ؟ قال : إني لبدت رأسي وقلدت بدني ، فلا أحل حتى أنحر"
فكان الهدي الذي ساق لمتعته التي لا يكون عليه فيها هدي إلا بأن يحج [بعدها] يمنعه من أن يحل بالطواف حتى يوم النحر ؛ لأن عقد إحرامه هكذا كان : أن يدخل في عمرة فيتمها فلا يحل منها حتى يحرم بحجة ، ثم يحل منها ومن العمرة التي قدمها قبلها معا ، وكانت العمرة لو أحرم بها منفردة حل منها بفراغه منها إذا حلق ولم ينتظر به يوم النحر ، وكان إذا ساق الهدي لحجة يحرم بها بعد فراغه من تلك العمرة بقي على إحرامه إلى يوم النحر ، فلما كان الهدي الذي هو من سبب الحج ، يمنعه الإحلال بالطواف بالبيت قبل يوم النحر ، كان دخوله في الحج أحرى أن يمنعه من ذلك إلى يوم النحر ، فهذا هو النظر أيضا عندنا ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، - رحمهم الله .