3914 3915 3916 ص: قيل لهم : فكيف يجوز أن تقبلوا هذا عن ابن عمر ، وقد حدثنا يزيد بن سنان ، وابن أبي داود ، قالا : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثنا الليث ، قال : ثنا عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني سالم ، أن عبد الله بن عمر قال : " تمتع رسول الله - عليه السلام - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج ، ، وأهدى وساق الهدي من ذي الحليفة ، ، وبدأ رسول الله - عليه السلام - فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ، وتمتع الناس مع رسول الله - عليه السلام - بالعمرة إلى الحج" . .
فهذا ابن عمر يخبر عن رسول الله - عليه السلام - أنه كان في حجة الوداع متمتعا ، وأنه بدأ بالعمرة ، وقد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، عن بكر بن عبد الله ، عن ابن عمر : "أن النبي - عليه السلام - وأصحابه قدموا ملبين بالحج ، فقال رسول الله - عليه السلام - : من شاء أن يجعلها عمرة ، إلا من كان معه الهدي" .
فأخبر ابن عمر - رضي الله عنهما - في حديث بكر هذا أن رسول الله - عليه السلام - قدم مكة ، وهو يلبي بالحج ، وقد أخبر في حديث سالم أن رسول الله - عليه السلام - بدأ فأحرم بالعمرة فهذا معناه عندنا - والله أعلم - أنه كان أحرم أولا بحجة على أنها حجة ثم فسخها فصيرها عمرة ، فلبى بالعمرة ثم تمتع بها إلى الحج ، ، حتى يصح حديث سالم 5 وبكر هذين [ ص: 459 ] ولا يتضادان ، وفسخ رسول الله - عليه السلام - الحج الذي كان فعله وأمر به أصحابه هو بعد طوافهم بالبيت ، . قد ذكرنا ذلك في باب فسخ الحج ، ، فأغنانا ذلك عن إعادته ها هنا ، فاستحال بذلك أن يكون الطواف الذي كان رسول الله - عليه السلام - فعله للعمرة التي انقلبت إليها حجته مجزيا عنه من طواف حجته التي أحرم به بعد ذلك ، ولكن وجه ذلك عندنا - والله أعلم - : أنه لم يطف لحجته قبل يوم النحر ؛ لأن الطواف الذي يفعل قبل يوم النحر في الحجة إنما يفعل للقدوم لا لأنه من صلب الحجة ، فاكتفى ابن عمر بالطواف الذي كان فعله بعد القدوم في عمرته عن إعادته في حجته ، وهذا مثل ما روي عن ابن عمر أيضا من فعله .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، عن أيوب ، عن نافع : " ، أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا قدم مكة رمل بالبيت ، ، ثم طاف بين الصفا والمروة ، ، وإذا لبى من مكة بها لم يرمل بالبيت ، ، وأخر الطواف بين الصفا والمروة إلى يوم النحر ، وكان لا يرمل يوم النحر . .
فدل ما ذكرنا أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا أحرم بالحجة من مكة ، لم يطف لها إلى يوم النحر ، فكذلك ما روي عن رسول الله - عليه السلام - من إحرامه بالحجة التي أحرم بها بعد فسخ حجته الأولى لم يكن طاف لها بك يوم النحر ، فليس في حديث ابن عمر ، عن النبي - عليه السلام - من حكم طواف القارن لعمرته وحجته شيء ، وثبت بما ذكرنا أيضا خطأ الدراوردي في حديث عبيد الله الذي وصفناه .


