3941 ص: فأدخل على هذا القول ، فقيل : قد رأينا الحلال يصيب الصيد في الحرم فيجب عليه الجزاء لحرمة الحرم ، ورأينا المحرم يصيب صيدا في الحل فيجب عليه الجزاء لحرمة الإحرام ، ورأينا المحرم إذا أصاب صيدا في الحرم وجب عليه جزاء واحد لحرمة الإحرام ودخل [فيه] حرمة الجزاء لحرمة الحرم ، وهو في وقت ما أصاب ذلك الصيد في حرمتين : : في حرمة إحرام ، وحرمة حرم ، فلم يجب عليه لكل واحدة من الحرمتين ما كان يجب عليه لها لو أفردها ، قالوا : فكذلك فيما كان يجب عليه لكل واحدة من عمرته وحجته لو أفردها لا يجب عليه في ذلك لما جمعهما إلا مثل ما يجب عليه في إحداهما ويدخل ما كان يجب للأخرى لو كانت مفردة في ذلك . القارن
قيل لهم : إنكم لم تقولون أن ما يجب على المحرم في قتله الصيد في الحرم جزاء واحد وقد قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد - رحمهم الله - : إن القياس كان عندهم في ذلك أنه يجب عليه جزاءان : جزاء لحرمة الإحرام ، وجزاء لحرمة الحرم ، وأنهم إنما خالفوا ذلك استحسانا ولكنا لا نقول في ذلك كما قالوا ، بل القياس عندنا في ذلك ما ذكروا أنهم استحسنوه ، وذلك أنا رأينا الأصل المجتمع عليه : أنه يجوز للرجل أن يجمع بين حجة وعمرة ولا يجمع بين حجتين ولا بين عمرتين ، فكان له [ ص: 493 ] أن يجمع بإحرام واحد بين شكلين مختلفين ، فيدخل بذلك فيهما ولا يجمع بين شيئين من صنف واحد ، فلما كان ما ذكرنا كذلك ؛ كان له أن يجمع أيضا بأدائه جزاء واحدا ما يجب عليه بحرمتين مختلفتين وهما : حرمة الحرم التي لا يجزئ فيها الصوم ، وحرمة الإحرام التي يجزئ فيها الصوم ، ويكون بذلك الجزاء الواحد مؤديا عما يجب عليه فيهما ، فلم يكن له أن يجمع بأدائه جزاء واحدا عما يجب عليه في انتهاك حرمتين مؤتلفتين من شكل واحد وهما : حرمة العمرة وحرمة الحج ، . كما لم يكن له أن يدخل بإحرام واحد في حرمة شيئين مؤتلفين .
ولما كان ما ذكرنا أيضا كذلك وكان الطواف للحجة والطواف للعمرة من شكل واحد لم يكن بطواف واحد داخلا فيهما ، ولم يكن ذلك الطواف مجزئا عنهما ، واحتاج أن يدخل في كل واحد منهما دخولا على حدة ، ، قياسا ونظرا على ما ذكرنا مما يجمعه بإحرام واحد من الحجة والعمرة المختلفتين ، ومما ذكرنا مما لا يجمعه من الحجتين المؤتلفتين ومن العمرتين المؤتلفتين .