( ومنها ) لو فإنه يميز بالقرعة نص عليه ; لأن العتق وقع على معين وجهل ابتداء ولو قال لأمته : أول ما تلدينه حر فولدت ولدين واشتبه أولهما خروجا أو قال أول غلام لي يطلع فهو حر فطلع عبيده كلهم فنص قال لزوجاته أيتكن طلع أولا فهي طالق فطلعن كلهن على أنه يميز واحد من العبيد وامرأة من الزوجات بالقرعة في رواية أحمد واختلف الأصحاب في هذا النص فمنهم من حمله على أن اطلاعهم كان مرتبا وأشكل السابق فيميز بالقرعة كمسألة الولادة ومنهم من أقر النص على ظاهره وأنهم طلعوا دفعة واحدة . مهنا
وقال : صفة الأولية شاملة لكل واحد منهم بانفراده والمعتق إنما أراد عتق واحد منهم فميز بالقرعة وهي طريقة في خلافه ومن الأصحاب من قال يعتق ويطلق الجميع لأن تركة صفة لكل واحد منهم ولفظه صالح للعموم لأنه مفرد [ مضاف ] أو يقال الأولية صفة للمجموع لا للأفراد وهو الذي ذكره صاحب المغني في الطلاق ومنهم من قال : لا تطلق ولا يعتق شيء منهم لأن الأول لا يكون إلا فردا لا تعدد فيه والفردية مشتبهة هنا وهو الذي ذكره القاضي القاضي [ ص: 367 ] في الطلاق وابن عقيل والسامري وصاحب الكافي ، ويتخرج وجه آخر وهو أنه إن طلع بعدهم من عبيده وزوجاته طلقن وعتقن وإلا فلا ; بناء على أن الأول هو السابق لغيره ، فلا يكون أولا حتى يأتي بعده غيره فيتحقق له بذلك صيغة الأولية وهو وجه لنا ، ذكره وغيره ، وقريب من هذه المسألة ما ذكره ابن عقيل ابن أبي موسى في كتاب العتق فقال : واختلف قوله في على روايتين قال في أحدهما : قد عتق واحد منهم فيقرع بينهم فمن قرع صاحبه فقد عتق . وقال في الأخرى فقد عتقا جميعا انتهى . الرجل يقول لعبيده أيكم جاءني بخبر كذا فهو حر فأتى بذلك الخبر اثنان معا أو أكثر
فأما وجه عتقهما جميعا فظاهر لأن أيا من صيغ العموم وأما وجه عتق أحدهما بالقرعة فهو أن المتبادر إلى الأفهام من هذا التعليق الخصوص وأنه إنما أريد به عتق واحد يجيء بالخبر فيصير عموم هذا اللفظ عموما بدليله لا عموم شمول فلا يعتق به أكثر من واحدة فإذا اجتمع اثنان على الإتيان بالخبر أعتق أحدهما بالقرعة وليس هذا كما لو فإذا خرجن جميعا طلقن لأن الخروج بالنسبة إلى الجميع سواء . وأما الإخبار فالمقصود منه يحصل من أحد المخبرين فلا حاجة إلى الآخر ، ولهذا قلنا : على أحد الوجوه . وهو قول قال لزوجاته أيتكن خرجت فهي طالق أنه لو القاضي أنه لا يطلق منهن إلا الأولى لأن مقصوده من الإخبار وهو الإعلام حاصل بها ولهذا لو قال لزوجاته من أخبرني منكن بكذا فهي طالق فأخبرنه متفرقات فدخل جماعة فلكل واحد منهم درهم . قال من دخل داري فله درهم
ولو فلهم درهم واحد بينهم . ذكره قال : من جاءني فله درهم فجاءه جماعة في كتاب أحكام القرآن قال لأن الشرط وجد من الجماعة وجودا واحدا بخلاف دخول الدار فإن كل واحد وجد منه دخول كامل ، ولو القاضي ففيه وجهان : قال رجل من سبق فله كذا فسبق اثنان معا
أحدهما : السبق المذكور بينهما كما لو قال من رد ضالتي فله كذا فردها جماعة .
والثاني : لكل منهم سبق كامل لأنه سابق بانفراده ، وحاصل الأمر في هذا الباب : أن المعلق عليه تارة يكون شيئا واحدا لا تعدد فيه كرد الآبق ونحوه فلا يتعدد المشروط بعدد المحصلين له ; لأنهم اشتركوا في تحصيل شيء واحد فاشتركوا في استحقاق المرتب عليه وتارة يكون قابلا للعدد وهو نوعان :
أحدهما : ما يكون التعدد فيه مقصودا لدخول الدار ونحوه فيتعدد الاستحقاق على الصحيح كما إذا قال من دخل داري فهو حر أو فله درهم أو فهي طالق وكذلك تجيء على هذا إذا قال : من جاءني فله درهم ، لأن تعدد الاثنين مطلوب بخلاف ما ذكره . القاضي
ومسألة السبق قد يقال هي من هذا النوع وقد يقال السبق إنما حصل من المجموع لا من كل فرد منهم ، أو كل فرد منهم ليس بسابق للباقين بل هو سابق لمن تأخر عنه ومساو لمن جامعه فالمتصف بالسبق هو المجموع لا كل فرد منهم فلذلك استحقوا [ ص: 368 ] جعلا واحدا وهذا أظهر .
والنوع الثاني ما لا يكون التعدد فيه مقصودا كالإتيان بالخبر فهل يشترك الآتون به في الاستحقاق أم يختص به واحد منهم ويميز بالقرعة ؟ فيه الخلاف الذي ذكره ابن أبي موسى . والذي نقله صالح عن أنه يعتق الجميع ونقل أحمد أنه يعتق واحد منهم بالقرعة ، وحمل حنبل أبو بكر رواية صالح على أنه أراد العموم ورواية على أنه أراد واحدا غير لبزيغ معين وما ذكرنا أشبه . وعلى هذا يتخرج مسألة أو لكن يطلع على ما إذا قيل : إن الأولية صفة لكل واحد من المجتمعين لأن هذا التعليق لم يقصد به إلا واحد غير معين لم يرد به الجميع وأما إن قيل : الأولية صفة للمجموع يوجه وقوع العتق والطلاق . حنبل