النوع الثاني : ما يتعلق الحكم فيه بنفس العين من حيث هي تعلقا لازما يختص تعلقه بملك دون ملك وله صور : منها : الرهن ، فإذا رهن عينا رهنا لازما ثم زال ملكه عنها بغير اختياره ثم عاد  فالرهن باق بحاله ، لأنه وثيقة لازمة للعين فلا تنفك بتبدل الأملاك كأرش الجناية ، غير أن الأرش لازم لرقبة الجاني بدون القبض ، والرهن لا يلزم أو لا يصح بدون القبض ، وذكر الأصحاب صورا يعود فيها الرهن بعود الملك : منها : لو سبى الكفار العبد المرهون ثم استنقذ منهم  عاد رهنا بحاله نص عليه الإمام  أحمد    .  [ ص: 51 ] 
ومنها : لو تخمر العصير المرتهن ثم تخلل  فإنه يعود رهنا كما كان . 
وكذلك يعود الرهن بعد زواله وإن كان ملك الراهن باقيا عليه في مواضع . 
ومنها : لو صالحه من دين الرهن على ما يشترط قبضه في المجلس  صح الصلح وبرئت ذمته من الدين وزال الرهن ، فإن تفرقا قبل القبض بطل الصلح وعاد الدين والرهن بحاله . 
ومنها : ما قاله أبو بكر    : إن عاد الرهن إلى الراهن بطل الرهن ، فإن عاد إليه عاد رهنا كما كان ، وفي كلام  أحمد  نحوه ، وتأوله  القاضي   وابن عقيل  على أنه بطل لزومه لأنه لو بطل بالكلية لم يعد بدون عقد ، وهذا باطل بمسألة الصلح ، وقد وافقا عليه ، والظاهر أن الرهن لا يبطل بعد لزومه بدون رضى المرتهن . 
ومن صور هذا النوع : المكاتب ، فإن المكاتبة عقد لازم ثابت في الرقبة فلا يسقط بانتقال الملك فيه . 
ومنها : الأضحية المعينة فإن الحق ثابت في رقبتها لا يزول بدون اختيار المالك فإذا تعيبت خرجت عن كونها أضحية ، فإذا زال العيب عادت أضحية كما كانت ، ذكره  ابن عقيل  في عمده . 
ومنها : التدبير على إحدى الروايتين . 
ومنها رجوع الزوج في نصف الصداق بعد الفرقة  فإنه يستحقه سواء كان قد زال ملك الزوجة عنه ثم عاد أو لم يزل ; لأن حقه متعلق بعينه . 
ومنها : عروض التجارة إذا خرجت عن ملكه بغير اختياره ثم عادت  فإنه لا ينقطع الحول بذلك كما إذا تخمر العصير ثم تخلل . ذكره  ابن عقيل  وغيره . 
ومنها صفة الطلاق ، تعود بعود النكاح ، وسواء وجدت في زمن البينونة أو لم توجد ، على المذهب الصحيح . 
ومنها : صفة العتق تعود بعود ملك الرقيق في أشهر الروايتين ، وفي الأخرى لا تعود إذا وجدت الصفة بعد زوال الملك ، وفرق  القاضي  بين الطلاق والعتاق ، بأن ملك الرقيق لا يبنى فيه أحد الملكين على الآخر ، بخلاف النكاح فإنه يبنى فيه أحد الملكين على الآخر في عدد الطلاق على الصحيح ، وهذا التفريق لا أثر له ; إذ لو كان معتبرا لم يشترط لعدم الحنث ووجود الصفة في غير الملك . 
ومنها : الرد بالعيب  لا يمتنع بزوال الملك إذا لم يدل على الرضا ، وهاهنا مختلف في إلحاقها بأحد النوعين وهي محتملة : فمنها رجوع الأب فيما وهبه لولده إذا أخرجه الابن عن ملكه ثم عاد إليه  فهل يسقط حقه من الرجوع أم لا ؟  [ ص: 52 ] ومنها رجوع غريم المفلس في السلعة التي وجدها بعينها وكان المفلس قد أخرجها عن ملكه ثم عادت إليه  ، وفي المسألتين ثلاثة أوجه : أحدها : لا حق لهما فيها ; لأن حقهما متعلق بالعقد الأول المتلقى عنهما . 
والثاني : غير متعلق عنهما فلا يستحقان فيه رجوعا . 
والثالث : لهما الرجوع نظرا إلى أن حقهما ثابت في العين وهي موجودة فأشبه الرد بالعيب . 
والرابع : إن عاد بملك جديد سقط حقهما ، وإن عاد بفسخ العقد فلهما الرجوع ، لأن الملك العائد بالفسخ تابع للملك الأول فإن الفسخ رفع للعقد الحادث فيعود الملك كما كان . 
ومنها : الفراش ، فإذا وطئ أمة ثم باعها ووطئ أختها بالملك ، ثم عادت الأولى إلى ملكه  فهل يعود الفراش أم لا ؟ على وجهين ، أشهرهما أنه يعود ، وهو المنصوص ; فيجب عليه اجتنابهما حتى يحرم إحداهما . 
والثاني : له استدامة استفراش الثانية ويجتنب الراجعة لزوال الفراش فيها بزوال الملك وهو اختيار صاحب المحرر . 
				
						
						
