والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير .
[233] والوالدات أي: المطلقات اللاتي لهن أولاد من أزواجهن.
يرضعن أولادهن خبر، ومعناه: أمر استحباب.
واختلف الأئمة فقال هل تجبر الأم على إرضاع ولدها؟ أبو حنيفة : لا تجبر، إلا أن يضطر إليها، ويخشى عليه. وأحمد
وقال : تجبر إن كانت تحت الأب، أو رجعية، إلا أن تكون علية القدر، فلا تجبر إلا ألا يقبل ثدي غيرها، أو يكون الأب معسرا، أو ميتا، وليس للولد مال. مالك
وقال : يجب عليها إرضاعه اللبأ، ثم بعده إن لم يوجد إلا هي، أو أجنبية، وجب إرضاعه، فإن وجدتا، لم تجبر الأم. الشافعي
واختلفوا فيما إذا فقال طلبت الأم أجرة مثلها في إرضاع ولدها، : لها ذلك بشرط ألا تكون في عصمة الأب، ولا عدته، فإن وجد متبرعة، أو من ترضع بدون أجرة المثل، كان للأب أن يسترضع غير الأم، بشرط أن تكون المرضعة عند الأم; لأن الحضانة لها. [ ص: 332 ] أبو حنيفة
وقال : لها طلب أجرة المثل بعد البينونة، ولو في العدة، فإن وجد من يرضعه بدون أجرة المثل، فإن كان ذلك عند الأم، فتخير بين إرضاعه بذلك، أو تسليمه للظئر، وليس لها طلب أجرة المثل، فإن لم يكن عندها، فليس له ذلك، ولو كانت المرضعة متبرعة، وعليه أن يرضعه عند أمه، ولا يخرجه من حضانتها; كقول مالك . أبي حنيفة
وقال : لها أخذ الأجرة في العصمة والبينونة، فإن وجد متبرعة، أو من يرضى بدون أجرة المثل، فله انتزاع الولد منها. الشافعي
وقال : هي أحق بأجرة مثلها، ولو وجد متبرعة، سواء كانت في حبال الزوجية، أو مطلقة. أحمد
حولين كاملين يعني: أربعة وعشرين شهرا، ثم جاء بالتخفيف فقال: لمن أراد أن يتم أي: يكمل.
الرضاعة أي: هذا منتهى الرضاع، وليس فيما دون ذلك حد محدود، وإنما هو على مقدار إصلاح الصبي أو ما يعيش به.
وعلى المولود له أي: الأب.
رزقهن طعامهن.
وكسوتهن لباسهن.
بالمعروف أي: قدر اليسرة.
لا تكلف لا تحمل.
نفس إلا وسعها أي: طاقتها.
لا تضار والدة بولدها فينزع منها بعد رضاها بإرضاعه. قرأ: ابن [ ص: 333 ] كثير، وأبو عمرو، : (تضار) برفع الراء نسقا على قوله: ويعقوب لا تكلف ، وأصله: تضارر، فأدغمت الراء في الراء. قرأ نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، : بنصب الراء، وقالوا: لما أدغمت الراء في الراء، حركت إلى أخف الحركات، وهو النصب، وابن عامر : بإسكان الراء. وأبو جعفر
ولا مولود له بولده بأن تلقي الولد إلى أبيه بعدما ألفها تضاره بذلك.
وعلى الوارث أي: وارث الصبي عند فقد أبيه.
مثل ذلك أي: مثل الذي كان على أبيه في حياته.
واختلف الأئمة في وجوب فعند النفقة على القريب، مالك : لا نفقة للصبي إلا على الوالدين فقط، وعند والشافعي تجب إلا على من ليس بذي رحم محرم; كابن العم، وعند أبي حنيفة تجب على كل وارث على قدر ميراثه. أحمد
فإن أرادا الوالدان.
فصالا فطاما للصغير قبل الحولين، فليكن. [ ص: 334 ]
عن تراض اتفاق.
منهما وتشاور بأن يستخرج الوالدان رأي العلماء أن الفطام لا يضره، واعتبر اتفاقهما، لما للأب من الولاية، وللأم من الشفقة.
فلا جناح أي: لا حرج.
عليهما في الفطام قبل الحولين. قرأ : (عليهما) بضم الهاء. يعقوب
وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم أي: لأولادكم مراضع غير أمهاتهم إذا أبت أمهاتهم أن يرضعنهم، أو تعذر لعلة بهن; كانقطاع لبن، أو أردن النكاح.
فلا جناح عليكم إذا سلمتم إلى أمهاتهم.
ما آتيتم ما سميتم لهن بقدر ما أرضعن. قرأ : (ما أتيتم) بقصر الألف، ومعناه: ما فعلتم، والباقون بالمد. ابن كثير
بالمعروف أي: سلمتم الأجرة إلى المراضع بطيب نفس وسرور.
واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير حث وتهديد. [ ص: 335 ]