تنبيهات
الأول : ذو قرد - بفتح القاف والراء ، وحكي الضم فيها ، وحكي ضم أوله وفتح ثانيه .
قال الحازمي - رحمه الله - : الأول ضبط أصحاب الحديث ، والضم عن أهل اللغة ، وقال . [ ص: 106 ]
البلاذري - رحمه الله - الصواب الأول . : وهي على نحو بريد مما يلي بلاد غطفان ، وقيل على مسافة يوم ، قال السهيلي : والقرد في اللغة الصوف .
الثاني : قال البخاري في صحيحه في غزوة ذي قرد : كانت قبل خيبر بثلاث ، وذكرها بعد الحديبية قبل خيبر .
قال الحافظ : ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد ومسلم من حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه فذكر قصة الحديبية ، ثم قصة ذي قرد ، وقال في آخرها : فرجعنا - أي من الغزوة - إلى المدينة ، فو الله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر .
وأما ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر وابن سعد فقالوا : كانت غزوة ذي قرد في سنة ست قبل الحديبية .
قال محمد بن عمر وابن سعد في ربيع الأول .
وقيل في جمادى الأولى .
وقال ابن إسحاق في شعبان فيها ، فإنه قال : كانت غزوة بني لحيان في شعبان سنة ست ، فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة لم يقم إلا ليالي حتى أغار عيينة بن حصن على لقاحه - صلى الله عليه وسلم - قال ابن كثير : وما ذكره البخاري أشبه بما ذكره ابن إسحاق .
وقال أبو العباس القرطبي - وهو شيخ صاحب التذكرة والتفسير - تبعا لأبي عمر - رحمهم الله : لا يختلف أهل السير أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية ، يكون ما وقع في حديث سلمة وهم من بعض الرواة .
قال : ويحتمل أن يجمع بأن يقال يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أغزى سرية فيهم سلمة بن الأكوع إلى خيبر قبل فتحها ، فأخبر سلمة عن نفسه وعمن خرج معه ، يعني حيث قال : خرجنا إلى خيبر قال : ويؤيده أن ابن إسحاق ذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغزى إليها عبد الله بن رواحة قبل فتحها مرتين . انتهى .
قال الحافظ - رحمه الله - تعالى : وسياق الحديث يأبى هذا الجمع ، فإن فيه بعد قوله :
خرجنا إلى خيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل عمي يرتجز بالقوم ، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من السائق وفيه مبارزة عمه لمرحب وقتل عامر ، وغير ذلك مما وقع في غزوة خيبر حيث خرج إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلى هذا ما في الصحيح أصح مما ذكره أهل السير .
قال الحافظ : ويحتمل في طريق الجمع أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللقاح وقعت مرتين ، الأولى التي ذكرها ابن إسحاق وهي قبل الحديبية ، والثانية بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر . [ ص: 107 ]
وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة كما في سياق سلمة عند مسلم ، ويؤيده أن الحاكم ذكر في الإكليل أن الخروج إلى ذي قرد تكرر ، ففي الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد ، وفي الثانية خرج إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ربيع الآخر سنة خمس ، والثالثة هذه المختلف فيها - انتهى . فإذا ثبت هذا قوي الجمع ، الذي ذكرته ، والله أعلم .
الثالث : في حديث سلمة عند مسلم : إن عبد الرحمن بن عيينة بن حصن أغار على اللقاح ، وفي حديثه عند الطبراني أنه عيينة بن حصن ، ولفظ ابن عقبة : أنه عيينة بن بدر ، ويقال إن مسعدة كان رئيسا للقوم في هذه الغزوة ، ولا منافاة بين ما ذكر ، فإن كلا منهما كان رئيسا فيهم ، وكان حاضرا .
الرابع : حديث سلمة - رضي الله عنه - أنه استنقذ جميع ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبارة ابن عقبة : استنقذوا السرح . والذي ذكره ابن إسحاق ، وابن عمر ، وابن سعد وغيرهم أنه استنقذ من اللقاح عشرة فقط ، وما في حديث سلمة - رضي الله عنه - هو المعتمد ، لصحة سنده .
الخامس : في حديث سلمة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب في رجوعه إلى المدينة العضباء ، وأردف سلمة وراءه ، وفي حديث عمران بن حصين السابق : إن امرأة أبي ذر أخذتها من العدو وركبتها .


