الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر دعائه - صلى الله عليه وسلم - على من أبى أن يرد شيئا من السبي أن يخيس

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو نعيم عن عطية السعدي - رضي الله عنه - أنه كان ممن كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبي هوازن ، وكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، فردوا عليهم سبيهم إلا رجلا واحدا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم أخس سهمه فكان يمر بالجارية فيدع ذلك حتى مر بعجوز ، فقال آخذ هذه فإنها أم حي فيفدونها عليه . فكبر عطية وقال : خذها .


                                                                                                                                                                                                                              خذها والله ما فوها ببارد ولا ثديها بناهد     ولا زوجها بواحد
                                                                                                                                                                                                                              عجوز يا رسول الله ما لها أحد

                                                                                                                                                                                                                              فلما رأى أنه لا يعرض لها أحد تركها .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر ابن إسحاق ومحمد بن عمر واللفظ له : أن عيينة بن حصن حين أبى أن يرد حظه من السبي خيروه في ذلك ، فنظر إلى عجوز كبيرة ، فقال : هذه أم الحي ، لعلهم أن يغلوا فداءها ، فإنه عسى أن يكون لها في الحي نسب ، فجاء ابنها إلى عيينة فقال : هل لك في مائة من الإبل ؟ فقال عيينة : لا ، فرجع عنه وتركه ساعة فقالت العجوز : ما أربك في ، بعد مائة ناقة ، اتركه فما أسرع أن يتركني بغير فداء ، فلما سمعها عيينة قال : ما رأيت كاليوم خدعة ، قال : ثم مر عليه ابنها فقال له عيينة : هل لك في العجوز لما دعوتني إليه ؟ قال ابنها : لا أزيدك على خمسين . قال عيينة : لا أفعل ، قال : فلبث ساعة ثم مر به أخرى وهو يعرض عنه فقال له عيينة :

                                                                                                                                                                                                                              هل لك في العجوز بالذي بذلت لي ؟ قال الفتى : لا أزيدك على خمس وعشرين فريضة هذا الذي أقوى عليه ، قال عيينة : لا أفعل والله ، بعد مائة فريضة خمس وعشرون ! ! فلما تخوف عيينة أن يتفرق الناس ويرتحلوا ، جاء عيينة فقال : هل لك إلى ما دعوتني إليه إن شئت ؟ فقال الفتى : هل لك في عشر فرائض أعطيكها ، قال عيينة : والله لا أفعل ، قال الفتى :

                                                                                                                                                                                                                              والله ما ثديها بناهد ولا بطنها بوالد ، ولا فوها ببارد ، ولا صاحبها بواجد ، فأخذتها من بين من ترى ، قال عيينة : خذها لا بارك الله لك فيها ، فقال الفتى : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كسا السبي فأخطأها من بينهم بالكسوة ، فهل أنت كاسيها ثوبا ؟ فقال : لا والله ما ذلك لها عندي ، قال : لا وتفعل ، فما فارقه حتى أخذ منه سمل ثوب ، ثم ولى الفتى وهو يقول : والله إنك لغير بصير بالفرض .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر محمد بن إسحاق أنه ردها بست فرائض .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أنه ردها بلا شيء . [ ص: 395 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية