الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر جمع غنائم حنين

                                                                                                                                                                                                                              لما انهزم القوم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم بالغنائم أن تجمع ، ونادى مناديه : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغل ، وجعل الناس غنائمهم في موضع حيث استعمل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم بسند صحيح عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين وبرة من بعير ، ثم قال : «يا أيها الناس ، إنه لا يحل لي مما أفاء الله - تعالى - عليكم قدر هذه إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخيط والمخيط ، وإياكم والغلول فإنه عار على أهله يوم القيامة”

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وكان عقيل بن أبي طالب دخل على زوجته وسيفه ملطخ بدم ، فقالت : إني علمت أنك قاتلت اليوم المشركين ، فماذا أصبت من غنائمهم ؟ فقال : هذه الإبرة ، تخيطين بها ثيابك ، فدفعها إليها ، ثم خرج فسمع منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من أصاب شيئا من المغنم فليرده ، فرجع عقيل إلى امرأته وقال : والله ما أرى إبرتك إلا قد ذهبت منك ، فأخذها فألقاها في المغانم .

                                                                                                                                                                                                                              وجاء رجل بكبة من شعر فقال : يا رسول الله أضرب بهذه برذعة لي : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك”
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس يوم حنين في قبائلهم يدعوهم وأنه ترك قبيلة من القبائل وجدوا في برذعة رجل منهم عقدا من جزع غلولا ، فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر عليهم ، كما يكبر على الميت .

                                                                                                                                                                                                                              وأصاب المسلمون يومئذ السبايا ، فكانوا يكرهون أن يقعوا عليهن ولهن أزواج فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فأنزل الله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [النساء 24] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ : «لا توطأ حامل من السبي حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض” .

                                                                                                                                                                                                                              ولما جمعت الغنائم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنحدر إلى الجعرانة ، فوقف بها إلى أن انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حصار الطائف . [ ص: 339 ]

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن سعد وتبعه في العيون : كان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألف بعير ، والغنم أكثر من أربعين «ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن بديل - بموحدة مضمومة فدال مهملة فتحتية ساكنة فلام ، بن ورقاء - رضي الله تعالى عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تحبس السبايا والأموال بالجعرانة حتى يقدم فحبست .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق : وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الغنائم مسعود بن عمرو الغفاري ، وروى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : سبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ستة آلاف سبي بين امرأة وغلام ، فجعل عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان بن حرب . وقال البلاذري :

                                                                                                                                                                                                                              بديل بن ورقاء الخزاعي - والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية