الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك وما وقع في ذلك من الآيات

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام مالك ، وابن إسحاق ، ومسلم عن معاذ بن جبل والإمام أحمد برجال الصحيح عن حذيفة - رضي الله عنهما - قال معاذ : أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام تبوك قال : فكان يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ، قال : فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ، ثم قال : "إنكم ستأتون غدا إن شاء الله تعالى - عين تبوك ، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار ، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي"

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث حذيفة "بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن في الماء قلة ، فأمر مناديا ينادي في الناس أن لا يسبقني إلى الماء أحد" ، قال فجئناها وقد سبق إليها رجلان [ ص: 451 ] والعين مثل الشراك تبض بشيء من مائها ، فسألهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هل مسستما من مائها شيئا" قالا : نعم . فسبهما وقال لهما "ما شاء الله أن يقول ، ثم غرفوا من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شن ، ثم غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه وجهه ويديه ومضمض ثم أعاده فيها ، فجرت العين بماء كثير . ولفظ ابن إسحاق فانخرق الماء حتى كان يقول من سمعه : إن له حسا كحس الصواعق وذلك الماء فوارة تبوك . انتهى ، فاستسقى الناس ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

                                                                                                                                                                                                                              "يا معاذ يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا ملئ جنانا"
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي وأبو نعيم عن عروة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين نزل تبوك - وكان في زمان قل ماؤها فيه فاغترف غرفة بيده من ماء فمضمض بها فاه ثم بصقه فيها ففارت عينها حتى امتلأت . فهي كذلك حتى الساعة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الخطيب في كتاب الرواة عن الإمام مالك عن جابر - رضي الله عنه - قال : انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك وعينها تبض بماء يسير مثل الشراك فشكونا العطش ، فأمرهم فجعلوا فيها ما دفعها إليهم فجاشت بالماء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ : "يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا" .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية