الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر بعثه مناديا ينادي : من نزل من العبيد فهو حر

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير : حدثني عبد الله بن المكرم الثقفي ، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا : نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر" فخرج من الحصن بضعة عشر رجلا : المنبعث ، وكان اسمه المضطجع فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبعث حين أسلم ، وكان عبدا لعثمان بن عامر بن معتب ، وكان جوادا روميا ، والأزرق بن عقبة بن الأزرق وكان عبدا لكلدة - بفتح الكاف وسكون اللام ، وبالدال المهملة - الثقفي ثم صار حليفا في بني أمية ، ووردان وكان عبدا لعبد الله بن ربيعة الثقفي ، ويحنس - بضم التحتية وفتح الحاء المهملة والنون المشددة وبالسين المهملة - النبال وكان عبدا ليسار بن مالك الثقفي ، وأسلم سيده بعد ، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه ولاءه ، وإبراهيم بن جابر ، وكان عبدا لخرشة - بفتح الخاء المعجمة والراء والشين المعجمة الثقفي ، ويسار ، وكان عبدا لعثمان بن عبد الله . وأبو بكرة نفيع - بضم النون وفتح الفاء وسكون التحتية - بن مسروح - بفتح الميم وسكون السين المهملة وضم الراء وبالحاء المهملة - وكان عبدا للحارث بن كلدة ، وإنما كني بأبي بكرة لأنه نزل في بكرة من الحصن ، ونافع أبو السايب وكان عبدا لغيلان بن سلمة ، فأسلم غيلان بعد ، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولاءه إليه ، ونافع بن مسروح ، ومرزوق غلام لعثمان بن عبد الله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الطائف "من خرج إلينا من العبيد فهو حر" فخرج عبيد من العبيد فيهم أبو بكرة ، فأعتقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي عثمان النهدي قال : سمعت سعدا - وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله - وأبا بكرة - وكان قد تسور حصن الطائف قالا : سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :

                                                                                                                                                                                                                              من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام

                                                                                                                                                                                                                              . وفي رواية نزل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة [ ص: 385 ] وعشرون من الطائف - فشق ذلك على أهل الطائف مشقة شديدة ، واغتاظوا على غلمانهم - فأعتقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه ويحمله فكان أبو بكرة إلى عمرو بن سعيد بن العاص ، وكان الأزرق ، إلى خالد بن سعيد بن العاص ، وكان وردان إلى أبان بن سعيد بن العاص ، وكان يحنس النبال إلى عثمان بن عفان ، وكان يسار بن مالك إلى سعد بن عبادة ، وكان إبراهيم بن جابر إلى أسيد بن الحضير ، وأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرئوهم القرآن ، ويعلموهم السنن ، فلما أسلمت ثقيف تكلمت أشرافهم في هؤلاء المعتقين ، منهم الحارث بن كلدة يردونهم إلى الرق ،

                                                                                                                                                                                                                              فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أولئك عتقاء الله ، لا سبيل إليهم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية