الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر ما قيل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه خبر خزاعة أرسل إلى قريش يخيرهم بين أمور ثلاثة

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن عائذ عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما ، ومحمد بن عمر عن حزام بن هشام الكعبي ومسدد في مسنده بسند صحيح عن محمد بن عباد بن جعفر أحد ثقات التابعين وأئمتهم - رحمهم الله تعالى - واللفظ لمحمد بن عمر ، قال حزام : إن قريشا ندمت على عون بني نفاثة ، وقالوا : محمد غارينا ، فقال عبد الله بن أبي سرح - وهو يومئذ عندهم حال ردته عن الإسلام - وأسلم بعد ذلك - إن عندي رأيا ، إن محمدا لن يغزوكم حتى يعذر إليكم ، ويخيركم في خصال كلها أهون عليكم من غزوه ، قالوا ما هي ؟ قال : يرسل إليكم أن أدوا قتلى خزاعة وهم ثلاثة وعشرون قتيلا ، أو تبرؤوا من حلف من نقض الصلح وهم بنو نفاثة ، أو ينبذ إليكم على سواء ، فما عندكم في هذه الخصال ؟ فقال القوم : أحر بما قال ابن أبي سرح -وقد كان به عالما - قال سهيل بن عمرو : ما خلة أهون علينا من أن نبرأ من حلف بني نفاثة .

                                                                                                                                                                                                                              فقال شيبة بن عثمان العبدري حفظت أخوالك ، وغضبت لهم قال سهيل : وأي قريش لم تلده خزاعة ؟ قال شيبة : ولكن ندي قتلى خزاعة فهو أهون علينا ، وقال قرظة بن عبد عمرو : لا والله لا يودون ولا نبرأ من حلف بني نفاثة ، ولكنا ننبذ إليه على سواء . وقال أبو سفيان : ليس هذا بشيء ، وما الرأي إلا جحد هذا الأمر ، أن تكون قريش دخلت في نقض عهد أو قطع مدة وإنه قطع قوم بغير رضى منا ولا مشورة فما علينا . قالوا : هذا الرأي لا رأي غيره .

                                                                                                                                                                                                                              وقال عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - : إن ركب خزاعة لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه خبرهم ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «فمن تهمتكم وظنتكم ؟ ” قالوا :

                                                                                                                                                                                                                              بنو بكر ، قال : «أكلها ؟ ” قالوا : لا ، ولكن بنو نفاثة قصرة ورأس القوم نوفل بن معاوية النفاثي .

                                                                                                                                                                                                                              قال : «هذا بطن من بني بكر ، وأنا باعث إلى أهل مكة فسائلهم عن هذا الأمر ومخيرهم في خصال ثلاث” ، فبعث إليهم ضمرة

                                                                                                                                                                                                                              - لم يسم أباه محمد بن عمر - يخيرهم بين إحدى خلال ، بين أن يدوا قتلى خزاعة أو يبرؤوا من حلف بني نفاثة ، أو ينبذ إليهم على سواء . فأتاهم ضمرة [ ص: 205 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأناخ راحلته بباب المسجد ، فدخل وقريش في أنديتها ، فأخبرهم أنه رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرهم بالذي أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به فقال قرظة بن عبد عمرو الأعمى : أما أن ندي قتلى خزاعة فإن نفاثة فيهم عرام فلا نديهم حتى لا يبقى لنا سبد ولا لبد ، وأما أن نتبرأ من حلف نفاثة فإنه ليس قبيلة من العرب تحج هذا البيت أشد تعظيما له من نفاثة ، وهم حلفاؤنا ، فلا نبرأ من حلفهم ، أو لا يبقى لنا سبد ولا لبد ، ولكن ننبذ إليه على سواء ، فرجع ضمرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك من قولهم .

                                                                                                                                                                                                                              وندمت قريش على رد رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعثت أبا سفيان
                                                                                                                                                                                                                              فذكر قصة مجيئه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية