الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر إرادة النضير بن الحارث الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما وقع في ذلك من الآيات

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر : حدثنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري عن أبيه قال : كان النضير من أحلم قريش . وكان يقول : الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام ومن علينا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ولم نمت على ما مات عليه الآباء ، فذكر حديثا طويلا ، ثم قال : خرجت مع قوم من قريش ، هم على دينهم - بعد - أبو سفيان بن حرب ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، ونحن نريد إن كانت دبرة على محمد أن نغير عليه فيمن يغير ، فلما تراءت الفئتان ونحن في حيز المشركين حملت هوازن حملة واحدة ، ظننا أن المسلمين لا يجبرونها أبدا ، ونحن معهم وأنا أريد بمحمد ما أريد . وعمدت له فإذا هو في وجوه المشركين واقف على بغلة شهباء حولها رجال بيض الوجوه ، فأقبلت عامدا إليه ، فصاحوا بي : إليك ، فأرعب فؤادي وأرعدت جوارحي . قلت : هذا مثل يوم بدر ، إن الرجل لعلى حق ، وإنه لمعصوم ، وأدخل الله تعالى في قلبي الإسلام وغيره عما كنت أهم به ، فما كان حلب ناقة حتى كر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرة صادقة ، وتنادت الأنصار بينها : الكرة بعد الفرة : يا للخزرج ، يا للخزرج ، فحطمونا حطاما ، فرقوا شملنا ، وتشتت أمرنا ، وهمة كل رجل نفسه فتنحيت في غبرات الناس حتى هبطت بعض أودية أوطاس فكمنت في خمر شجرة لا يهتدي إلي أحد إلا أن يدله الله - تعالى - علي ، فمكثت فيه أياما وما يفارقني الرعب مما رأيت ، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف ، فأقام ما أقام ، ثم رجع إلى الجعرانة ، فقلت : لو صرت إلى الجعرانة ، فقاربت رسول [ ص: 322 ] الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلت فيما دخل فيه المسلمون ، فما بقي فقد رأيت عبرا ، وقد ضرب الإسلام بجرانه ، ولم يبق أحد ، ودانت العرب والعجم لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فعز محمد لنا عز ، وشرفه لنا شرف ، فو الله إني لعلى ما أنا عليه إن شعرت إلا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلقاني بالجعرانة كنة لكنة فقال : «النضير ؟ ” قلت : «لبيك ، فقال : «هذا خير لك مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك وبينه” فأقبلت إليه سريعا ، فقال : «قد إن لك أن تبصر ما أنت فيه توضع قلت : قد أرى أن لو كان مع الله - تعالى - إلها غيره لقد أغنى شيئا ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله .

                                                                                                                                                                                                                              قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «اللهم زده ثباتا”

                                                                                                                                                                                                                              قال النضير : فو الله الذي بعثه بالحق لكأن قلبي حجر ثباتا في الدين وبصيرة في الحق ،
                                                                                                                                                                                                                              وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية