الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر إرادة شيبة بن عثمان - قبل أن يسلم - الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رآه في نفر قليل ، وما وقع في ذلك من الآيات

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن سعد وابن عساكر عن عبد الملك بن عبيد ، وأبو القاسم البغوي ، والطبراني ، والبيهقي ، وأبو نعيم ، وابن عساكر عن عكرمة - رحمهم الله تعالى - قالا : قال شيبة : لما كان عام الفتح دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة ، وغزا حنينا ، قلت أسير مع قريش إلى هوازن ، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرة ، وتذكرت أبي وقتله حمزة ، وعمي وقتله علي بن أبي طالب ، فقلت : اليوم أدرك ثأري من محمد ، وأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها ، وأقول :

                                                                                                                                                                                                                              لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا ما تبعته أبدا ، فكنت مرصدا لما خرجت له ، لا [ ص: 321 ] يزداد الأمر في نفسي إلا قوة ، فلما اختلط الناس ، اقتحم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بغلته ، وأصلت السيف ، ودنوت منه ، أريد ما أريد - وفي رواية فلما انهزم أصحابه جئته من عن يمينه فإذا العباس قائم عليه درع بيضاء ، فقلت : عمه لن يخذله ، فجئته من عن يساره ، فإذا بأبي سفيان بن الحارث فقلت : ابن عمه لن يخذله ، فجئته من خلفه ، فلم يبق إلا أن أسوره سورة بالسيف إذ رفع إلي فيما بيني وبينه شواظ من نار كأنه برق . فخفت أن يتمحشني فوضعت يدي على بصري ، خوفا عليه” ، ومشيت القهقرى ، وعلمت أنه ممنوع . فالتفت إلي وقال : «يا شيب ادن مني” فدنوت منه ، فوضع يده على صدري وقال : «اللهم أذهب عنه الشيطان” . فرفعت إليه رأسي وهو أحب إلي من سمعي وبصري وقلبي ، ثم قال : «يا شيبة قاتل الكفار” قال : فتقدمت بين يديه أحب - والله - أن أقيه بنفسي كل شيء ، فلما انهزمت هوازن رجع إلى منزله ودخلت عليه فقال : «الحمد لله الذي أراد بك خيرا مما أردت” ثم حدثني بما هممت به - صلى الله عليه وسلم .


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية