الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر قتل علي - رضي الله عنه - الحارث وأخاه مرحبا ، وعامرا وياسرا فرسان يهود وسبعانها

                                                                                                                                                                                                                              روى محمد بن عمر عن جابر - رضي الله عنه - قال : أول من خرج من حصون خيبر - مبارزا - الحارث أخو مرحب في عاديته فقتله علي - رضي الله عنه - ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن ، وبرز عامر ، وكان رجلا جسيما طويلا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين برز وطلع عامر «أترونه خمسة أذرع ؟ » وهو يدعو إلى البراز ، فخرج إليه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فضربه ضربات ، كل ذلك لا يصنع شيئا ، حتى ضرب ساقيه فبرك ، ثم ذفف عليه ، وأخذ سلاحه .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق : ثم برز ياسر وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                              قد علمت خيبر أني ياسر شاكي السلاح بطل مغاو . [ ص: 126 ]     إذا الليوث أقبلت تبادر
                                                                                                                                                                                                                              وأحجمت عن صولة المساور

                                                                                                                                                                                                                              إن حسامي فيه موت حاضر

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر : وكان من أشدائهم ، وكان معه حربة يحوس الناس بها حوسا ، فبرز له علي بن أبي طالب ، فقال له الزبير بن العوام : أقسمت ألا خليت بيني وبينه ، ففعل ،

                                                                                                                                                                                                                              فقالت صفية لما خرج إليه الزبير - رضي الله عنها - : يا رسول الله يقتل ابني ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «بل ابنك يقتله - إن شاء الله»

                                                                                                                                                                                                                              فخرج إليه الزبير وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                              قد علمت خيبر أني زبار     قرم لقرم غير نكس فرار
                                                                                                                                                                                                                              ابن حماة المجد ، ابن الأخيار     ياسر لا يغررك جمع الكفار

                                                                                                                                                                                                                              فجمعهم مثل السراب الختار

                                                                                                                                                                                                                              ثم التقيا فقتله الزبير ، قال ابن إسحاق : وذكر أن عليا هو الذي قتل ياسرا .

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير لما قتل ياسرا فداك عم وخال ثم قال : «لكل نبي حواري وحواري الزبير ابن عمتي» .

                                                                                                                                                                                                                              حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم ، والبيهقي أن مرحبا - وهو بفتح الميم ، والحاء المهملة ، وسكون الراء - بينهما - وبالموحدة - خرج وهو يخطر بسيفه ، وفي حديث ابن بريدة عن أبيه : خرج مرحب وعليه مغفر معصفر يماني وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ويقول :


                                                                                                                                                                                                                              قد علمت خيبر أني مرحب     شاكي السلاح بطل مجرب

                                                                                                                                                                                                                              إذا الليوث أقبلت تلهب

                                                                                                                                                                                                                              قال سلمة : فبرز له عامر وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                              قد علمت خيبر أني عامر     شاكي السلاح بطل مغامر

                                                                                                                                                                                                                              قال : فاختلفا ضربتين ، فوقع سيف مرحب في ترس عامر ، فذهب عامر يسفل له ، وكان سيفه فيه قصر ، فرجع سيفه على نفسه ، فقطع أكحله ، وفي رواية عين ركبته ، وكانت فيها نفسه ، قال بريدة : فبرز مرحب وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                              قد علمت خيبر أني مرحب     شاكي السلاح بطل مجرب
                                                                                                                                                                                                                              إذا الليوث أقبلت تلهب     وأحجمت عن صولة المغلب

                                                                                                                                                                                                                              فبرز له علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعليه جبة أرجوان حمراء قد أخرج خملها ، وهو يقول . [ ص: 127 ]


                                                                                                                                                                                                                              أنا الذي سمتني أمي حيدره     كليث غابات كريه المنظرة

                                                                                                                                                                                                                              أو فيهم بالصاع كيل السندره

                                                                                                                                                                                                                              فضرب مرحبا ففلق رأسه ، وكان الفتح .

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث بريدة ، فاختلفا ضربتين ، فبدره علي - رضي الله عنه - بضربة فقد الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الأحراش وسمع أهل العسكر صوت ضربته وقام الناس مع علي حتى أخذ المدينة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن علي - رضي الله عنه - قال : لما قتلت مرحبا ، جئت برأسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية