الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة قاصدا مكة

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر - رحمه الله تعالى - خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأربعاء بعد العصر لعشر خلون من رمضان ، ونادى مناديه : «من أحب أن يصوم فليصم ، ومن أحب أن يفطر فليفطر” وصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما حل عقدة حتى انتهى إلى الصلصل ، وخرج في المهاجرين والأنصار ، وطوائف من العرب ، وقادوا الخيل ، وامتطوا الإبل ، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمامه الزبير بن العوام في مائتين من المسلمين ،

                                                                                                                                                                                                                              ولما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيداء قال فيما رواه محمد بن عمر عن أبي سعيد الخدري : «إني لأرى السحاب يستهل بنصر بني كعب” .

                                                                                                                                                                                                                              ولما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العرج وهو صائم ، صب الماء على رأسه ووجهه من العطش - كما رواه الإمام مالك ، ومحمد بن عمر عن رجل من الصحابة - وروى الحاكم في الإكليل بسند صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرج يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم” ، ولما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العرج - وكان فيما بين العرج والطلوب - نظر إلى كلبة تهر عن أولادها ، وهن حولها يرضعنها ، فأمر جميل بن سراقة - رضي الله عنه - أن يقوم حذاءها ، لا يعرض لها أحد من الجيش ، ولا لأولادها .

                                                                                                                                                                                                                              وقدم - صلى الله عليه وسلم - بمائة جريدة تكون أمام المسلمين ، فلما كانوا بين العرج والطلوب أتوا بعين من هوازن ، فاستخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أن هوازن تجمع له

                                                                                                                                                                                                                              فقال : «حسبنا الله ونعم الوكيل”

                                                                                                                                                                                                                              فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد أن يحبسه لئلا يذهب فيحذر الناس ، ولما بلغ قديدا لقيته سليم هناك ، فعقد الألوية والرايات ، ودفعها إلى القبائل . [ ص: 213 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن عمر عن يزيد بن أسلم ، وأبي الحويرث - رحمهما الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى إلى قديد قيل له : يا رسول الله هل لك في بيض النساء ، وأدم الإبل ؟ بني مدلج ، فقال : - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله عز وجل حرمهن علي بصلة الرحم” . وفي لفظ «ببر الوالد ، ووكزهم في لبات الإبل” .

                                                                                                                                                                                                                              وقدم العباس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلما . قال ابن هشام : لقيه بالجحفة فأرسل ثقله إلى المدينة ، وسار مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال البلاذري : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «هجرتك يا عم آخر هجرة ، كما أن نبوتي آخر نبوة”

                                                                                                                                                                                                                              وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب ، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة لقياه بنقب العقاب ، وستأتي قصة إسلامهما في ترجمتهما .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية