قال - رحمه الله تعالى - وغيره : لما ذهب ابن إسحاق أبو سفيان إلى مكة بعد ما عاين جنود الله - تعالى - تمر عليه ، فانتهى المسلمون إلى ذي طوى ، فوقفوا ينتظرون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تلاحق الناس ، وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته الخضراء ، وهو على ناقته القصواء ، معتجرا بشق برد حبرة حمراء .
وعن - رضي الله عنه - قال : أنس رواه لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشرفه الناس ، فوضع رأسه على رحله متخشعا ، بسند جيد قوي ، ورواه الحاكم من طريق آخر ، وعن أبو يعلى - رضي الله عنه - قال : أبي هريرة دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ وعليه عمامة سوداء ، ورايته سوداء ، ولواؤه أسود حتى وقف بذي طوى ، وتوسط الناس ، وإن عثنونه ليمس واسطة رحله ، أو يقرب منها تواضعا لله عز وجل حين رأى ما رأى من فتح الله تعالى ، وكثرة المسلمين ،
ثم قال : «اللهم إن العيش عيش الآخرة”
قال : وجعلت الخيل تمعج بذي طوى في كل وجه ، ثم ثابت وسكنت حين توسطهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه محمد بن عمر .
وعن - رضي الله تعالى عنه : أنس رواه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام ، ، الإمام أحمد والأربعة . ومسلم ،
وعن - رضي الله عنه قال : عمرو بن حريث رواه كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، وعليه عمامة سوداء خرقانية ، وقد أرخى طرفها بين كتفيه ، ، وعن مسلم - رضي الله عنها - قالت : عائشة رواه دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح من كداء من أعلى مكة ، البخاري ، . والبيهقي
وعن - رضي الله عنه - قال : جابر مكة أبيض ، رواه الأربعة . [ ص: 227 ] كان لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم دخل
وعن - رضي الله عنها - قالت : عائشة رواه كان لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح أبيض ، ورايته سوداء تسمى العقاب ، وكانت قطعة مرط مرحل ، . ابن إسحاق
وعن - رضي الله عنهما - قال : ابن عمر مكة عام الفتح ، رأى النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر ، فتبسم إلى فقال : «يا أبي بكر ، كيف قال أبا بكر حسان” فأنشده قول أبو بكر ، - رضي الله عنهما : حسان
عدمت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كتفي كداء ينازعن الأعنة مسرجات
يلطمهن بالخمر النساء
وفي الصحيح وغيره عن عروة : أن يدخل من كداء من أعلى الزبير بن العوام مكة ، وأن يغرز رايته بالحجون ، ولا يبرح حتى يأتيه” . وفي الصحيح أيضا «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أنه قال العباس يا للزبير بن العوام : أبا عبد الله ها هنا أمرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تركز الراية ؟
قال : نعم .
قال : وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وكان على المجنبة اليمنى ، وفيها خالد بن الوليد أسلم ، وسليم ، وغفار ، ومزينة ، وجهينة ، وقبائل من العرب - أن يدخلوا من الليط ، وهو أسفل مكة ، وأمره أن يغرز رايته عند أدنى البيوت وأمر - رضي الله عنه - على الحسر ، أبا عبيدة بن الجراح كما عند عن . الإمام أحمد
وفي صحيح عن مسلم عبد الله بن رباح أبا عبيدة كان على البياذقة ، يعني الرجالة . أن
وعند ابن إسحاق وعبد الله بن أبي نجيح أن أقبل بالصف من المسلمين ينصب أبا عبيدة بن الجراح لمكة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمراءه أن يكفوا أيديهم ، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم ، قال ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر رحمهما الله تعالى : إن صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل ، - وأسلموا بعد ذلك - دعوا إلى قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجمعوا أناسا [ ص: 228 ] بالخندمة وضوى إليهم ناس من وسهيل بن عمرو ، قريش ، وناس من بني بكر ، وهذيل ، ولبسوا السلاح ، يقسمون بالله لا يدخلها محمد عنوة أبدا ، وكان رجل من بني الديل يقال له جماش - بكسر الجيم وتخفيف الميم - وبالشين المعجمة - بن قيس بن خالد لما سمع بدخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يصلح سلاحه ، فقالت له امرأته : لمن تعد هذا ؟ قال : لمحمد وأصحابه ، قالت : والله ما أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء . قال : والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم فإنك محتاجة إليه قالت : ويلك : لا تفعل ، ولا تقاتل محمدا والله ليضلن عنك رأيك ، لو قد رأيت محمدا ، وأصحابه ، قال سترين ثم قال :
إن يقبلوا اليوم فما لي عله هذا سلاح كامل وأله
ثم شهد الخندمة مع صفوان ، وسهيل بن عمرو ، وعكرمة ، فلما دخل من حيث أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد الجمع المذكور ، فمنعوه الدخول ، وشهروا له السلاح ، ورموه بالنبل ، وقالوا : لا تدخلها عنوة ، فصاح في أصحابه فقاتلهم ، وقتل منهم أربعة وعشرون رجلا من خالد بن الوليد قريش ، وأربعة من هذيل .
وقال أصيب من المشركين قريب من اثني عشر أو ثلاثة عشر ، وانهزموا أقبح الانهزام ، حتى قتلوا بالحزورة ، وهم مولون في كل وجه ، وانطلقت طائفة منهم فوق رؤوس الجبال ، وأتبعهم المسلمون . ابن إسحاق :
قال محمد بن عمر - رحمه الله تعالى - وجعل - رضي الله عنه - يتمثل بهذه الأبيات : خالد
إذا ما رسول الله فينا رأيته كلجة بحر نال فيها سريرها
إذا ما ارتدينا الفارسية فوقها ردينية يهدي الأصم خريرها
رأينا رسول الله فينا محمدا لها ناصرا عزت وعز نصيرها
وجعل أبو سفيان بن حرب يصيحان يا معشر وحكيم بن حزام قريش علام تقتلون أنفسكم ؟ ! من دخل داره فهو آمن ، ومن وضع السلاح فهو آمن ، فجعل الناس يقتحمون الدور ويغلقون عليهم ، ويطرحون السلاح في الطرق حتى يأخذه المسلمون ، ورجع جماش منهزما حتى انتهى إلى بيته ، فدقه ، ففتحت له امرأته ، فدخل وقد ذهبت روحه ، فقالت له : أين الخادم . [ ص: 229 ]
الذي وعدتني ؟ ما زلت منتظرة لك منذ اليوم - تسخر منه - فقال : دعي هذا عنك ، وأغلقي علي بابي ، ثم قال :
إنك لو شهدت يوم الخندمة إذ فر صفوان وفر عكرمه
وأبو يزيد كالعجوز المؤتمه واستقبلتهم بالسيوف المسلمه
يقطعن كل ساعد وجمجمة ضربا فلا تسمع إلا الغمغمة
لهم نهيت خلفنا وهمهمه لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه
وروى عن الطبراني - رضي الله عنهما - ابن عباس مكة” الحديث ، فقيل : هذا يقتل ، فقال : «قم يا فلان فقل له فليرفع يديه من القتل” فأتاه الرجل ، فقال له : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ، اقتل من قدرت عليه ، فقتل سبعين ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك ، فأرسل إلى خالد «ألم أنهك عن القتل ؟ !” فقال : جاءني فلان فأمرني أن أقتل من قدرت عليه ، فأرسل إليه «ألم آمرك أن تنذر خالد خالدا ؟ ” قال :
أردت أمرا فأراد الله أمرا ، فكان أمر الله فوق أمرك ، وما استطعت إلا الذي كان ، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رد عليه . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب ، فقال : «إن الله حرم
وروى ، ومسلم ، الإمام أحمد ، وغيرهم عن والبيهقي - رضي الله عنه - قال : أبي هريرة مكة ، وبشت قريش أوباشا لها وأتباعا ، فقالوا : نقدم هؤلاء ، فإن كان لهم شيء [ ص: 230 ] كنا معهم ، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فرآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : «يا أبا هريرة” قلت :
لبيك ، قال : «اهتف بالأنصار ، ولا يأتيني إلا أنصاري” قال : ففعلت ما أمرني به ، فأتوه ، فقال :
«انظروا قريشا وأوباشهم فاحصدوهم حصدا” ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ، فانطلقنا فما أحد يوجه إلينا شيئا ، وما منا أحد يريد أحدا منهم إلا أخذه ، فجاء فقال : يا رسول الله - أبيدت خضراء أبو سفيان بن حرب قريش ، لا قريش بعد اليوم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن” فألقى الناس سلاحهم . لما كان يوم فتح
وروى محمد بن عمر عن - رضي الله عنه - قال : جابر حيث تقاسمت قريش علينا في كفرها” جابر قال كنت ممن لزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخلت معه يوم الفتح فلما أشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أذاخر ، ورأى بيوت مكة ، وقف عليها فحمد الله - وأثنى عليه ، ونظر إلى موضع قبته فقال : هذا منزلنا يا : فذكرت حديثا كنت سمعته منه قبل ذلك جابر بالمدينة ، مكة في خيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر” . «منزلنا إذا فتح الله علينا