ذكر تصديقه - صلى الله عليه وسلم - لعثمان بن طلحة قبل الهجرة بأن المفتاح سيصير بيده - صلى الله عليه وسلم - يضعه حيث شاء  ونزل قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها  
[النساء 58] 
روى ابن سعد  عن إبراهيم بن محمد العبدري  عن أبيه ، محمد بن عمر  عن شيوخه ، قالوا : قال  عثمان بن طلحة :  لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل الهجرة ، فدعاني إلى الإسلام فقلت : يا محمد العجب لك حيث تطمع أن أتبعك ، وقد خالفت دين قومك وجئت بدين محدث ، وكنا نفتح الكعبة في الجاهلية الاثنين والخميس ، فأقبل يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فأغلظت عليه ونلت منه ، فحلم عني ، ثم قال : «يا  عثمان  لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت” فقلت ، لقد هلكت قريش  وذلت . قال : «بل عمرت يومئذ وعزت” ، ودخل الكعبة ، فوقعت كلمته مني موقعا فظننت أن الأمر سيصير كما قال ، فأردت الإسلام فإذا قومي يزبرونني زبرا شديدا ، فلما كان يوم الفتح قال لي يا  عثمان :  «ائت بالمفتاح” فأتيته به . فأخذه مني ، ثم دفعه إلي وقال : «خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ، يا  عثمان  إن الله استأمنكم على بيته ، فكلوا مما وصل إليكم من هذا البيت بالمعروف” فلما وليت ناداني ، فرجعت إليه ، فقال : «ألم يكن الذي قلت لك ؟ فذكرت قوله لي بمكة  قبل الهجرة «لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت” فقلت : بلى . أشهد أنك رسول الله ، فقام  علي بن أبي طالب  ومفتاح الكعبة بيده فقال : يا رسول الله - اجمع لنا الحجابة مع السقاية! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين  عثمان بن طلحة ؟  فدعا فقال : «هاك مفتاحك يا  عثمان ،  اليوم يوم بر ووفاء” قالوا : وأعطاه المفتاح ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطبع بثوبه عليه ، وقال «غيبوه . إن الله تعالى رضي لكم بها في الجاهلية والإسلام”  . 
وروى  الفاكهي  عن  جبير بن مطعم :  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ناول  عثمان  المفتاح قال له «غيبه” 
قال  الزهري :  فلذلك يغيب المفتاح . 
وروى ابن عائذ ،   وابن أبي شيبة  من مرسل عبد الرحمن ابن سابط :  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع مفتاح الكعبة إلى  عثمان بن طلحة ،  فقال : «خذوها خالدة مخلدة ، إني لم أدفعها إليكم ، ولكن الله - تعالى - دفعها إليكم ، ولا ينزعها منكم إلا ظالم”  . 
وروى ابن عائذ  أيضا ، والأزرقي  عن  ابن جريج   - رحمه الله - تعالى - أن  عليا   - رضي الله عنه - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : اجمع لنا الحجابة والسقاية فنزلت : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها   [ ص: 245 ]  [النساء 58] فدعا  عثمان  فقال : «خذوها يا بني شيبة خالدة مخلدة”  . 
وفي لفظ : «تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم” . 
وروى الأزرقي  عن  جابر   ومجاهد  قال : نزلت هذه الآية «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها” في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة .  فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الكعبة ودخل في الكعبة يوم الفتح ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو هذه الآية ، فدعا عثمان ، فدفع إليه المفتاح ، وقال - صلى الله عليه وسلم - «خذوها يا بني أبي طلحة  بأمانة الله - سبحانه وتعالى - لا ينزعها منكم إلا ظالم” . 
وقال  عمر بن الخطاب :  لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكعبة خرج وهو يتلو هذه الآية ، ما سمعته يتلوها قبل ذلك . 
وروى أيضا نحوه عن  سعيد بن المسيب  قال : دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الكعبة إلى  عثمان بن طلحة  يوم الفتح ، وقال : «خذوها يا بني طلحة  خالدة تالدة لا يظلمكموها إلا كافر” . 
وروى  عبد الرزاق   والطبراني  عن  الزهري :  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من البيت قال  علي :  «إنا أعطينا النبوة والسقاية ، والحجابة ، ما قوم بأعظم نصيبا منا فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته ، ثم دعا عثمان بن طلحة فدفع المفتاح إليه وقال : «غيبوه”  . 
وقال  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  عن  ابن أبي مليكة :  إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال  لعلي  يومئذ حين كلمه في المفتاح : «إنما أعطيتكم ما ترزؤون ، ولم أعطكم ما ترزؤون” يقول : 
«أعطيتكم السقاية لأنكم تغرمون فيها ، ولم أعطكم البيت”  . 
قال  عبد الرزاق :  أي أنهم يأخذون من هديته . 
وروى  عبد الرزاق  عن  ابن أبي مليكة :  أن  العباس   - رضي الله عنه - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : 
يا نبي الله!! اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، ونزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : «ادعوا لي  عثمان بن طلحة ،  فدعي له فدفع له النبي - صلى الله عليه وسلم - المفتاح ، وستر عليه ، قال : فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول من ستر عليه ، ثم قال : «خذوها يا بني طلحة  لا ينتزعها منكم إلا ظالم” . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					