الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الخمر والخنزير وعن الميتة وبعض فتاويه وأحكامه

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة عن جابر - رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح يقول : «إن الله تعالى حرم بيع الخمر والخنازير والميتة والأصنام” فقال رجل : يا رسول الله!! ما ترى في شحوم الميتة فإنه يدهن بها السفن والجلود ، ويستصبح بها ؟ قال : «قاتل الله اليهود ، إن الله لما حرم عليهم شحومهما أخذوها فجمدوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها” .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن الأزهر - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح - وأنا غلام شاب - ينزل عند منزل خالد بن الوليد ، وأتي بشارب فأمرهم فضربوه بما في أيديهم ، فمنهم من ضرب بالسوط ، وبالنعل ، وبالعصا وحثا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن عائشة أن هندا بنت عتبة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك ، فهل من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا ؟ فقال لها : «لا عليك أن تطعميهم بالمعروف” .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبض عبد الرحمن بن وليدة زمعة ، وقال عتبة : إنه ابني ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة في الفتح رأى سعد الغلام فعرفه بالشبه فاحتضنه إليه وقال : ابن أخي ورب الكعبة ، فأقبل به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل معه عبد بن زمعة ، فقال سعد بن أبي وقاص : هذا ابن أخي عهد إلي [ ص: 259 ] أنه ابنه ، فقال عبد بن زمعة : يا رسول الله ، هذا أخي ، هذا ابن زمعة ولد على فراشه ، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن وليدة زمعة فإذا هو أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «هو” - أي الولد «لك هو أخوك يا عبد بن زمعة ، من أجل أنه ولد على فراشه ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، واحتجبي منه يا سودة ، لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص بالولد .

                                                                                                                                                                                                                              رواه البخاري .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - : أن امرأة سرقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقيل : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعون به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : «أتكلمني” وفي لفظ «أتشفع في حد من حدود الله ؟ !” قال أسامة : يا رسول الله استغفر لي فلما كان العشي قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا فأثنى على الله - تعالى - بما هو أهله ، ثم قال : «أما بعد فإنما أهلك الناس” وفي لفظ «هلك بنو إسرائيل” وفي لفظ «الذين من قبلكم” أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف وفي لفظ الوضيع قطعوه” وفي لفظ : أقاموا عليه الحد ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك المرأة وفي رواية النسائي «قم يا بلال ، فخذ بيدها فاقطعها” فحسنت توبتها بعد ذلك ، وتزوجت رجلا من بني سليم ، قالت عائشة : فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه الإمام أحمد والشيخان والنسائي والبيهقي



                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية