الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر قدوم مالك بن عوف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن يذكر معه

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوفد هوازن : "ما فعل مالك بن عوف " قالوا يا رسول الله : هرب فلحق بحصن الطائف مع ثقيف . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله ، وأعطيته مائة من الإبل وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بحبس أهل مالك بمكة عند عمتهم أم عبد الله بنت أبي أمية ، فقال الوفد : يا رسول الله - أولئك سادتنا وأحبنا إلينا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنما أريد بهم الخير" فوقف مال مالك فلم يجر فيه السهام ، فلما بلغ مالكا ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قومه وما وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن أهله وماله موفور وقد خاف مالك ثقيفا على نفسه أن يعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له ما قال ، فيحبسونه ، فأمر راحلته فقدمت له حتى وضعت لديه بدحنا ، وأمر بفرس له فأتي به ليلا فخرج من الحصن فجلس على فرسه ليلا ، فركضه حتى أتى دحنا فركب بعيره حتى لحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدركه بالجعرانة - أو بمكة - فرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله وماله ، وأعطاه مائة من الإبل وأسلم فحسن إسلامه ،

                                                                                                                                                                                                                              فقال مالك حين أسلم :


                                                                                                                                                                                                                              ما إن رأيت ولا سمعت بمثله في الناس كلهم بمثل محمد     أوفى وأعطى للجزيل إذا احتذي
                                                                                                                                                                                                                              ومتى تشأ يخبرك عما في غد [ ص: 406 ]     وإذا الكتيبة عردت أنيابها
                                                                                                                                                                                                                              بالسمهري وضرب كل مهند     فكأنه ليث على أشباله
                                                                                                                                                                                                                              وسط الهباءة خادر في مرصد



                                                                                                                                                                                                                              فاستعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه ، ومن تلك القبائل من هوازن وفهم وسلمة وثمالة . وكان قد ضوى إليه قوم مسلمون ، واعتقد له لواء ، فكان يقاتل بهم من كان على الشرك ويغير بهم على ثقيف فيقاتلهم بهم ، ولا يخرج لثقيف سرح إلا أغار عليه ، وقد رجع حين رجع - وقد سرح الناس مواشيهم ، وأمنوا فيما يرون حين انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم ، وكان لا يقدر على سرح إلا أخذه ، ولا على رجل إلا قتله ، وكان يبعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخمس مما يغنم ، مرة مائة بعير ، ومرة ألف شاة ، ولقد أغار على سرح لأهل الطائف فاستاق لهم ألف شاة في غداة واحدة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية