الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر ، وما وقع في ذلك من الآيات

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام مالك ، وأحمد ، والشيخان عن عبد الله بن عمر ، والإمام أحمد عن جابر بن عبد الله ، الإمام أحمد بسند حسن عن أبي كبشة الأنماري ، وابن إسحاق عن رواية ابن يونس عن الزهري ، والإمام أحمد عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنهم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مر بالحجر تقنع بردائه وهو على الرحل ، فاتضع راحلته حتى خلف أبيات ثمود ، ولما نزل هناك سارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم ، واستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا ونصبوا القدور باللحم ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنودي في الناس : الصلاة جامعة ، فلما اجتمعوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن [ ص: 447 ] تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم ، ولا تشربوا من مائها ولا تتوضئوا منه للصلاة ، واعلفوا العجين الإبل" ثم ارتحل بهم حتى نزل على العين التي كانت تشرب منها الناقة ، وقال : "لا تسألوا الآيات . فقد سألها قوم صالح ، سألوا نبيهم أن تبعث آية ، فبعث الله تبارك وتعالى لهم الناقة ، فكانت ترد هذا الفج وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها ، وكانت تشرب مياههم يوما ، ويشربون لبنها يوما ، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله تعالى من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله تعالى ، قيل : من هو يا رسول الله ؟ قال "أبو رغال" فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه ، ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم" فناداه رجل منهم :

                                                                                                                                                                                                                              تعجب منهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ألا أنبئكم بأعجب من ذلك ؟ رجل من أنفسكم فينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا ، فإن الله تعالى لا يعبأ بعذابكم شيئا ، وسيأتي الله بقوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء ، وإنها ستهب عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقومن أحد ، ومن كان له بعير فليوثق عقاله ، ولا يخرجن أحد منكم إلا ومعه صاحب له" ، ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا رجلين من بني ساعدة ، خرج أحدهما لحاجته والآخر في طلب بعيره ، فأما الذي خرج لحاجته فإنه خنق على مذهبه - أي موضعه - وأما الذي خرج في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيء اللذين يقال لأحدهما أجأ ويقال للآخر سلمى ، فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألم أنهكم عن أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي ، وأما الآخر فإن طيئا أهدته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رجع إلى المدينة
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية