الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة وإحرامه

                                                                                                                                                                                                                              روى محمد بن عمر - رحمه الله - تعالى - عن جابر - رضي الله - تعالى عنه - قال : أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من باب المسجد ، لأنه سلك طريق الفرع ، ولولا ذلك لأهل من البيداء .

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي والمسلمون معه يلبون ، حتى انتهى إلى مر الظهران ، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلاح إلى بطن يأجج حيث نظر إلى أنصاب الحرم ، وبعثت قريش مكرز - بكسر الميم ، وسكون الكاف ، وكسر الراء ، وبالزاي - بن حفص في نفر من قريش حتى لقوه ببطن يأجج ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه ، والهدي والسلاح قد تلاحق ، فقالوا له : والله يا [ ص: 191 ] محمد ما عرفت صغيرا ولا كبيرا - بالغدر ، تدخل بالسلاح في الحرم على قومك ، وقد شرطت لهم ألا تدخل إلا بسلاح المسافر ، السيوف في القرب!!

                                                                                                                                                                                                                              فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إني لا أدخل عليهم بسلاح . ”

                                                                                                                                                                                                                              فقال مكرز : هو الذي تعرف به ، البر والوفاء ، ثم رجع مكرز سريعا إلى مكة بأصحابه ، فقال : إن محمدا لا يدخل بسلاح ، وهو على الشرط الذي شرط لكم
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر الظهران في عمرته ، بلغ أصحابه أن قريشا تقول ما يتباعثون من العجف ، فقال أصحابه : لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه وحسونا من مرقه ، أصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «لا تفعلوا ، ولكن اجمعوا إلي من أزوادكم” ، فجمعوا له ، وبسطوا الأنطاع فأكلوا حتى تركوا ، وحشا كل واحد في جرابه .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية