الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر خبر ثابت بن قيس ومن الزبير بن باطا

                                                                                                                                                                                                                              كان الزبير بن باطا من على ثابت بن قيس بن شماس يوم بعاث ، فأتى ثابت الزبير فقال : يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني ؟ قال : وهل يجهل مثلك مثلي ؟ قال ثابت : إن لك عندي يدا ، وقدرت أن أجزيك بها ، قال الزبير : إن الكريم يجزي الكريم وأحوج ما كنت إليك اليوم ،

                                                                                                                                                                                                                              فأتى ثابت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله : إنه كان للزبير عندي يد خير جز ناصيتي يوم بعاث ، فقال : أذكر هذه النعمة عندك ، وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهبه لي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «هو لك» فأتاه ثابت فقال : «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وهبك لي ، قال الزبير : شيخ كبير لا أهل لي ولا مال بيثرب ما أصنع بالحياة ؟ فأتى ثابت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله : أعطني ماله وأهله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «هو لك» فرجع إلى الزبير ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعطاني ولدك وأهلك ومالك ،

                                                                                                                                                                                                                              فقال الزبير : يا ثابت أما أنت فقد كافأتني وقد قضيت الذي عليك يا ثابت : ما فعل بالذي كأن وجهه مرآة صينية تتراءى عذارى الحي في وجهه ، كعب بن أسد ؟ قال : قتل ، قال : فما فعل المجلسان ؟ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة . قال : قتلوا ، قال : يا ثابت : ما في العيش خير بعد هؤلاء ، أرجع إلى دار قد كانوا حلولا فيها فأخلد فيها بعدهم ؟ لا حاجة لي في ذلك ، ولكن يا ثابت انظر إلى امرأتي [ ص: 15 ] وولدي فإنهم جزعوا من الموت فاطلب إلى صاحبك فيهم أن يطلقهم ، وأن يرد أموالهم ، فطلب ثابت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الزبير وماله وولده ، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله وماله إلا السلاح . قال الزبير : يا ثابت أسألك بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم فما أنا بصائر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة ، قال ابن إسحاق : فقدمه ثابت فضربت عنقه ، وقال محمد بن عمر :

                                                                                                                                                                                                                              قال ثابت : ما كنت لأقتلك ، قال الزبير : لا أبالي من قتلني ، فقتله الزبير بن العوام . ولما بلغ أبا بكر الصديق قوله : «ألقى الأحبة» قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا مخلدا!


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية