الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 351 ] فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : إذا صالح أحد الورثة ثم قدم وارث آخر فالصلح ماض ، ويأخذ حقه منهم أجمع ، فإن كان السدس أخذ سدس ما بيد كل واحد . قاله ابن القاسم ، قال اللخمي : يريد ابن القاسم : يمضى الصلح إذا أجازه القادم وإلا نقض ، وأخذت الزوجة ثمنها إن كانت المصالحة ، وأخذ القادم ربع الباقي ، وعلى قول أشهب : يأخذ القادم ربع ما بيد الزوجة إلا ثمن ربع ، وهو ما ينوبها مما يأخذه منها ، ويأخذ من إخوته ربع ما في أيديهم بعد ثمن الزوجة منه ، وترجع على الذين صالحوها بتمام ثمنها إن كانوا معترفين بأنها زوجة ، إلا إن أجاز القادم الصلح رجع على إخوته بربع جميع ما في أيديهم إن كان رابعا ، ولا شيء عليها ، فإن أنكر مثلهم : فإن ثبت عدم زوجيتها أخذ ربعا كاملا من يدها ( وأيديهم ، وهذا إذا قالوا : طلقك ، أو نكاحك فاسد ، فإن قال : لم تكوني امرأته : انتزع ما في يدها ) من نصيبه إلا أن تثبت الزوجية أو يكون سماعا فاشيا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : قال ابن القاسم : من ترك جارية حاملا ، وامرأة تمتنع مصالحة المرأة ; لأنها لا تدري ألها الربع أو الثمن إذا وضعت الجارية .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز الصلح على الإنكار ، وقاله ( ح ) ، ومنعه ( ش ) ; لأنه أكل المال بالباطل ; لأنه ليس عن مال لعدم ثبوته ، ولا عن اليمين ، وإلا لجازت إقامة البينة بعد ، ولجاز أخذ العقار بالشفعة ; لأنه انتقل بغير مال ، ولا [ ص: 352 ] عن الخصومة ، وإلا جاز في النكاح والقذف ; لأنه عاوض عن ملكه فيمتنع كشراء ماله من وكيله ، ولأنها معاوضة فلا تصح مع الجهل كالبيع .

                                                                                                                والجواب عن الأول : أنه أخذ المال بحق ولا يلزم من عدم ثبوته عدمه ، نعم ، من علم أنه على باطل حرم عليه ، وأما إقامة البينة بعده ، قال أبو الوليد : يتخرج على الخلاف فيمن حلف خصمه وله بينة ، فله إقامتها عند ابن القاسم من العذر ، وعند أشهب مطلقا ، وأما القذف : فلا مدخل للمال فيه ، ولا يجوز فيه الصلح مع الإقرار ، فكذلك الإنكار ، ويلتزم الجواز في النكاح ، نقله أبو الوليد عن أصحابنا إذا أنكرت المرأة الزوجية ; لأن من الناس من يوجب عليها اليمين فتفتدي يمينها وتلتزم الشفعة . وعن الثاني : أن الفرق بأنه مع وكيله متمكن من ماله بخلاف صورة النزاع ، يقع الصلح لدرء مفسدة الخصومة . وعن الثالث : أن الضرورة تدعو للجهل هاهنا ، قال أبو الوليد : لو ادعي عليه من جهة موروث الصلح فيه مع الجهل ، والعجب أن الشافعي - رضي الله عنه - وافقنا أن للمدعي أن يدخل دار المدعى عليه بالليل ويأخذ قدر حقه ; فكيف يمنع مع الموافقة من الخصم على الأخذ ثم يتأكد قولنا بقوله - تعالى - : ( وأصلحوا ذات بينكم ) وغيره من الكتاب والسنة ; لأنا أجمعنا على بذل المال بغير حق في فداء الأسارى والمخالعة والظلمة والمحاربين والشعراء ، فكذلك هاهنا لدرء الخصومة ، ولأنه قاطع للمطالبة فيكون مع الإنكار كالإبراء ، أو يجوز مع عدم المال من الجهتين كالصلح على دم العمد ; أو لأنه تصح هبته مع الإنكار فيصح الصلح عليه قياسا عليها .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية