فصل : فإذا ثبت أن فلا يخلو حاله فيه من ثلاثة أحوال : للسيد أن يجبر على أخذه
إما أن يأخذه وإما أن يبرئه ، وإما أن يمتنع من الأخذ والإبراء .
فإن أخذ منه المال برئ المكاتب منه ، فإن كان من آخر نجومه عتق به ، وإن كان من تضاعيفها كان عتقه معلقا بأداء ما بقي ، فإذا صار المال في يد السيد نظر فيما ادعاه من تحريمه ، فإن لم يسم مستحقه كان مقرا في يده على مستحقه ، ولا يجعل ملكا له ، وإن لم ينزع من يده .
وإن سمى مستحقه فقال : هو مغصوب من زيد لزمه بعد أخذه أن يرده على زيد ، لاعترافه له بما صار في يده ، ولأنه سمى فصار كرجل أقر بدار في يد أبيه أنها غصب ، ثم مات أبوه فصارت الدار إليه ، لزمه ردها على من اعترف بغصبها منه .
فإن قيل : أفليس لو رهن رجل عبدا فادعيت على العبد جناية صدق عليها [ ص: 184 ] المرتهن وكذب الراهن ، فأحلف الراهن عليها وبيع العبد ، ثم دفع ثمنه إلى المرتهن لم يلزمه دفعه إلى من صدقه على دعوى الجناية ، فهلا كان في سيد المكاتب كذلك . قيل : لأن حق المغصوب منه يتعين في مال الكتابة فلزم السيد رده عليه ولا يتعين في ثمن العبد الجاني ، فلم يلزم المرتهن رده عليه .
وإن لم يقبض السيد ذلك ، ولكن أبرأ منه جاز أن يكون السيد شاهدا على مكاتبة بعضه ، ولو لم يبرئه لم تجز شهادته عليه ، لأنه يدفع بها قبل الإبراء ضررا ، ولا يدفع بها بعده ضررا ، وتجوز هذه الشهادة ، إذا سمي المغصوب منه ، ولا تجوز إن لم يسمه ، ولا يمنع المكاتب من التصرف فيه إذا لم تجز الشهادة ، وإن لم يقبض السيد ذلك منه ولا أبرأه فللمكاتب أن يستعدي الحاكم على سيده حتى يأمره بأحد الأمرين من قبض أو إبراء . فإن أقام على امتناعه ناب الحاكم عنه في القبض دون الإبراء ، لأن الإبراء إسقاط والقبض استيفاء ، فإذا قبضه الحاكم نظر فإن كان السيد قد سمى المغصوب منه سلمه الحاكم إليه إذا طالبه به ، وإن لم يسمه استبقاه الحاكم في يده ، أو في يد أمين من أمنائه ، فإن جاء مدعيه ببينته أقامها على غصبه منه ، أو على أنه ملك له سلمه إليه .
وإن جاء السيد مطالبا بإقراره في يده ، لم يدفعه الحاكم إليه لأنه لو كان في قبضته لم ينتزعه منه إلا مالك ، وإذا صار في يد الحاكم لم يدفعه إلا إلى مالك ، وقد أقر أنه لا ملك له فيه فأخذ بإقراره في حق نفسه ، وإن لم يؤخذ به في حق غيره .