مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو قتله السيد لم يكن عليه شيء لأنه مات عبدا ، ولو قطع يده فإن كان يعتق بأرش يده وطلبه العبد جعل قصاصا وعتق ، وإن مات بعد ذلك ضمن ما يضمن لو جنى على عبد غيره فعتق قبل أن يموت ، وإن كانت الكتابة غير حالة كان له تعجيل الأرش فإن لم يقبضه حتى مات سقط عنه لأنه صار مالا له " .
قال الماوردي : وإذ قد مضى الكلام في جناية الأجنبي على المكاتب ، وذكرنا الفرق بين أن يكون على نفس أو طرف ، وانتقل الكلام إلى ، وهي على ضربين : جناية السيد على مكاتبه
أحدهما : أن تكون على نفس ، فتكون هدرا لا قود فيها ولا دية لأنه عبده ، والسيد لا يقتل بعبده ، لكن عليه كفارة القتل ، فإن خلف المكاتب مالا كان بيده ، [ ص: 280 ] فذلك المال لسيده وإن كان قاتله ، لأنه ليس يأخذه ميراثا ، فيمنعه القتل من أخذه ، وإنما يأخذه ملكا ، فلم يمتنع بالقتل من أخذه .
والضرب الثاني : أن تكون الجناية على طرفه كقطع إحدى اليدين ، فلا قود على السيد فيها ، لأن السيد لا يقاد بعبده ، وهل يلزمه دية اليد قبل اندمالها أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا تلزمه ديتها إلا بعد الاندمال ، لأن أرش الجناية قبل اندمالها غير مستقر ، فعلى هذا يكون للسيد مطالبة المكاتب بمال الكتابة ، ولا يلزمه إنظاره لأجل الجناية وللمكاتب حالتان :
إحداهما : أن يؤدي فيعتق .
والثانية : أن يعجز فيرق ، فإن أدى فعتق ، فللجناية حالتان :
إحداهما : أن تندمل ، فيحكم له على نفسه بنصف قيمته عبدا ، لأنها لم تسر ، فروعي فيها حكم الابتداء .
والحال الثانية : أن تسري إلى نفسه ، فيحكم على السيد بجميع ديته ، لأنها سرت إلى نفسه ، وهو حر ، فروعي فيها حكم الانتهاء ، ولا يرثه السيد بالولاء ، لأنه قاتل ، ويكون ميراثه إن لم يخلف ولدا في بيت المال ، وإن عجز المكاتب ورق قبل الاندمال سقط أرش الجناية عن السيد ، سواء اندملت أو سرت إلى النفس ، لأن جنايته على عبده هدر ، لكنه يلتزم الكفارة إن سرت إلى نفسه ، فهذا حكم أحد القولين .