الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3865 3867 3868 ص: ثم اختلف الذين خالفوا أهل المقالة الأولى في ذلك على فرقتين :

                                                فقالت فرقة منهم : لا يصلى في شيء من هذه الخمسة الأوقات للطواف كما لا يصلى فيها للتطوع .

                                                وممن قال ذلك : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وقد وافقهم في ذلك ما روينا عن عمر 5 ومعاذ بن عفراء ، وابن عمر - رضي الله عنهم - .

                                                وقالت فرقة : يصلى للطواف بعد العصر قبل اصفرار الشمس ، وبعد الصبح قبل طلوع الشمس ، ولا يصلى لذلك في الأوقات الثلاثة البواقي المنهي عن الصلاة فيها .

                                                وممن قال ذلك : مجاهد ، وإبراهيم النخعي ، وعطاء .

                                                حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : "طف وصل ما كنت في وقت ، فإذا ذهب الوقت فأمسك" .

                                                حدثنا أحمد ، قال : نا يعقوب ، قال : ثنا ابن أبي غنية ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، مثله .

                                                حدثنا أحمد ، قال : ثنا يعقوب ، قال : ثنا عبد الله بن رجاء وعبيد الله بن موسى ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد ، قال : "طف - قال عبيد الله : ( بعد الصبح وبعد العصر - وصل ما كنت في وقت - وقال ابن رجاء : : في وقت صلاة" .

                                                التالي السابق


                                                ش: "في ذلك" أي فيما ذهبوا إليه من إباحة الصلاة للطواف بعد العصر قبل غروب الشمس وبعد الصبح قبل طلوعها .

                                                قوله : "فرقة منهم" أراد بهم : الثوري والحسن البصري وسعيد بن جبير وأبا حنيفة وصاحبيه .

                                                [ ص: 407 ] وقد وافق هؤلاء - أي مذهبهم - ما روي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله ومعاذ بن عفراء .

                                                قوله : "وقالت فرقة" وأراد بهم مجاهدا وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح .

                                                قوله : "حدثنا أحمد بن داود . . . إلى آخره" بيان لقوله : "وممن قال ذلك مجاهد . . . " إلى آخره .

                                                ورجال هذه الآثار قد ذكروا غير مرة .

                                                ومغيرة : هو ابن مقسم الضبي .

                                                وابن أبي غنية : هو عبد الملك بن حميد بن أبي غنية الخزاعي الكوفي ، روى له الجماعة .

                                                وعبد الملك بن أبي سليمان واسمه ميسرة العرزمي ، روى له الجماعة البخاري مستشهدا .

                                                وعبد الله بن رجاء بن عمر الغداني شيخ البخاري .

                                                وعبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي الكوفي ، روى له الجماعة .

                                                وعثمان بن الأسود بن موسى بن باذان المكي ، روى له الجماعة .

                                                وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه ما يعارض ما روي عن مجاهد ها هنا ، فقال : ثنا عبد الوهاب الثقفي ، عن أيوب قال : "رأيت مجاهدا وسعيد بن جبير يطوفان بالبيت حتى تصفر الشمس ويجلسان" .

                                                وروى أيضا : عن عطاء ، عن عائشة ما يعارض ما روي عن عطاء ها هنا ، فقال : ثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، عن عائشة أنها قالت : "إذا أردت الطواف بالبيت بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة العصر فطف ، وأخر الصلاة حتى تغيب الشمس أو حتى تطلع ، وصل لكل أسبوع ركعتين" .

                                                [ ص: 408 ] وقال أيضا : ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن هشام ، عن عطاء قال : "كان المسور بن مخرمة يطوف بعد الغداة ثلاثة أسابيع ، فإذا طلعت الشمس صلى لكل أسبوع ركعتين ، وبعد العصر يفعل ذلك ، فإذا غابت الشمس صلى لكل أسبوع ركعتين" .




                                                الخدمات العلمية