الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القسم الخامس : أن يزرع في أرض بملكه لها أو بإذن مالكها ثم ينتقل ملكها إلى غيره والزرع قائم فيها ، وهو نوعان :

أحدهما : أن ينتقل ملك الأرض دون منفعتها المشغولة بالزرع في بقية مدته فالزرع لمالكه ولا أجرة عليه بسبب تجدد الملك بغير إشكال .

ويدخل تحت هذا من استأجر أرضا من مالكها وزرعها ثم مات المؤجر وانتقلت إلى ورثته .

ومن اشترى أرضا فزرعها ثم أفلس فإن للبائع الرجوع في الأرض والزرع للمفلس .

ومن أصدق امرأته أرضا فزرعها ثم طلقها قبل الدخول والزرع قائم وقلنا له الرجوع فإن الزرع مبقى بغير أجرة إلى أوان أخذه وكذلك حكم من زرع في أرض يملكها ثم انتقلت إلى غيره ببيع أو غيره يكون الزرع بغير أجرة مبقى فيها إلى أوان أخذه .

والنوع الثاني : أن تنتقل الأرض بجميع منافعها عن ملك الأول إلى غيره .

ومن أمثلة ذلك الوقف إذا زرع فيه أهل البطن الأول أو من أجروه ثم انتقل إلى البطن الثاني والزرع قائم ، فإن قيل إن الإجارة لا تنفسخ وللبطن الثاني حصتهم من الأجرة فالزرع مبقى لمالكه بالأجرة السابقة ، وإن قيل بالانفساخ وهو المذهب الصحيح فهو كزرع المستأجر بعد انقضاء المدة إذا كان بقاؤه بغير تفريط من المستأجر فتبقى بالأجرة إلى أوان أخذه .

وقد نص أحمد عليه في رواية مهنا في مسألة الإجارة المنقضية وأفتى به في الوقف الشيخ تقي الدين وأفتى مرة أخرى بأنه يجعل مزارعة بين المزارع ورب الأرض لنموه من أرض أحدهما وبذر الآخر ، وكذلك أفتى في الأقطاع المزروعة إذا انتقلت إلى مقطع آخر والزرع قائم فيها .

ومنها : الشفيع إذا انتزع الأرض وفيها زرع للمشتري فهو محترم وهل يستحق أجرة المثل على المشتري ؟ على وجهين :

أحدهما : لا يستحق شيئا وهو المذكور في المغني والتلخيص وقال أبو البركات في تعليقه على الهداية هو أصح الوجهين لأصحابنا إلحاقا له ببيع الأرض المزروعة فإن الأخذ بالشفعة نوع بيع قهري .

والثاني : له الأجرة من حين أخذه ذكره أبو الخطاب في انتصاره ، وهو أظهر لأن حق الشفيع في العين والمنفعة جميعا لوقوع العقد عليهما جميعا وفي ترك الزرع مجانا تفويت لحقه من المنفعة بغير عوض فلا يجوز .

التالي السابق


الخدمات العلمية