الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الشرط الخامس : أن يكون المسلم فيه على ضبطه بالصفة .

                                                                                                                قاعدة : مقصود الشارع ضبط الأموال على العباد ; لأنه أناط بها مصالح دنياهم وأخراهم ، فمنع لذلك من تسليم الأموال للسفهاء ، ونهى عليه السلام عن إضاعة المال وعن بيع الغرر والمجهول كذلك ، فيجب لذلك أن يكون المشترى إما معلوما بالرؤية - وهو الأصل - أو الصفة وهو رخصة لفوات بعض المقاصد لعدم الرؤية ، لكن الغالب حصول الأغلب فلا عبرة بالنادر ، فما لا تضبطه الصفة تمتنع المعاوضة عليه لتوقع سوء العاقبة بضياع المالية في غير معتبر في تلك المالية .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يمتنع السلم في تراب المعادن ; لأنه مجهول الصفة ، وفي تراب الصواغين للجهل بما فيه .

                                                                                                                قال سند : فإن لم يفسخ تراب الصواغين حتى صفى رد البائع وعليه الأجرة ، بخلاف تراب المعادن يجوز بيعه إذا عين ، واختلف فيه إذا لم يعين ، وهذا يمنع مطلقا ، وقال بعض الأصحاب : له الأجرة في تراب الصواغين ما لم يجاوز ما وجد فيه ، كالتمر يباع قبل الصلاح للتبقية فيبقيه ثم يفسخ فيرجع بالعلاج عند ابن القاسم في قيمة الثمرة . قاله ابن يونس ، قال ابن حبيب : إذا لم يخرج له في تراب الصواغين شيء فله الأجرة ، قال : والصواب عدم الأجرة إذا لم يخرج شيء لدخولهما على الغرر ، ويرجع بجميع [ ص: 241 ] الثمن ، فإن خرج شيء خير البائع بين أخذه ، ودفع الأجرة وجميع الثمن ، أو تركه ودفع الثمن ، وقيل : لا بد أن يكون له قيمة ، فإذا أفاته بالعمل كان الخارج له ، وعليه القيمة على غرره ، وقيل : إن ادعى مشتري الرماد تلفه قبل تخليصه فعليه قيمته على الرجاء والخوف .

                                                                                                                نظائر : قال العبدي : يجوز السلم إلا في أربعة : ما لا ينقل كالدور والأرضين ، ومجهول الصفة كتراب المعادن والجزاف ، وما يتعذر جوده ، وما يمتنع بيعه كتراب الصواغين والخمر والخنزير .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال المازري : يجوز السلم في الياقوت ونحوه ، ومنعه ( ح ) و ( ش ) لتعذر ضبطه بالصفة لفرط التفاوت في الصفاء والجودة ، وإن ضبطه تعذر الوفاء به ، ونحن نمنع المقامين ، بل يضبط بشدة الصفاء وقلته وتوسطه ، وكبر الحبة وصغرها وتوسطها وسلامتها من النمش ، ويشترط التدوير والاستطالة والوزن أو المقدار ، وما هو من أعراض أرباب الجواهر ، وكذلك يجوز السلم في المركبات كالترياقات والإيارجات والغوالي والقسي ونحوها ، ومنعه ( ش ) لتعذر ضبطها ; لأن كل واحد من مفرداتها مقصود في نفسه ، فضبط قسط المركب من ذلك المفرد صفة ومقدارا يتعذر ، ويختص النشاب بنجاسة ريش النسر عنده ، والترياق بنجاسة لحوم الأفاعي ، والجواب عن الأول : أن المقصود في المركبات مقصود عادة ، ولا عبرة بما ذكروه ، وعن الثاني : أن السباع والحيات يطهران عندنا ، ومنع ( ح ) في السفرجل والبطيخ ونحوها من المعدودات لتفاوت أفرادها في الكيالة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية