الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  [2] تناقض المصطلحات العسكرية العربية:

                  أصبح للدول العربية كافة جيوش عربية وقوات مسلحة، بعد أن كان لمصر والمغرب وحدهما جيش خاص بكل دولة منهما دون سائر الدول العربية الأخرى.

                  وبدأ قسم من الدول العربية يترجم المصطلحات العسكرية الأجنبية إلى مصطلحات عسكرية عربية قبل أن يرحل الاستعمار عن بلادها وتنال [ ص: 105 ] استقلالها، وبقي قسم آخر من الدول العربية ينتظر رحيل الاستعمار ليضع مصطلحاته العسكرية العربية، وبصورة عامة تصاعدت محاولات العودة إلى العربية الفصحى في القوات المسلحة العربية بعد رحيل الاستعمار عنها - عدا سورية والعراق - فقد كان نشاطهما قبل رحيل الاستعمار عنهما في تطهير المصطلحات العسكرية من الكلمات الأجنبية الدخيلة وإقرار المصطلحات العسكرية العربية، أما بقية الدول العربية الأخرى، فقد ظهر نشاطها اللغوي الخاص بالمصطلحات العسكرية بعد رحيل الاستعمار لا قبله.

                  إن بقاء طائفة من المصطلحات العسكرية التركية أو الإنكليزية أو الفرنسية أو الإيطالية أو الأمريكية، أثر من آثار الاستعمار الفكري البغيض، لأن القوات المسلحة التي لا تزال تستعمل تلك المصطلحات الأجنبية في قواتها المسلحة العربية، تتذكر دائما استعمار تلك الدول لبلادها، ولا تنسى أنها كانت خاضعة للدول الأجنبية في يوم من الأيام، كما أنها باستعمالها تلك المصطلحات العسكرية الأجنبية تقر بتفوق جيوش الدول الأجنبية عليها حتى في لغاتها، وكل ذلك يؤثر أسوأ الأثر في معنويات الجيوش العربية، ولا نصر لجيش مزعزع المعنويات ولا يتحلى بالمعنويات العالية.

                  ولكن وضع المصطلحات العسكرية العربية بمحاولات كل جيش عربي أن يضع المصطلحات العسكرية العربية الخاصة به، دون أن ينسق مصطلحاته بمصطلحات الجيوش العربية الشقيقة، أدى إلى ظهور مشكلة لغوية حقيقية، هـي أن اللغة العربية الفصحى الواحدة، أصبحت متناقضة بالنسبة للمصطلحات العسكرية العربية، وأصبح كل جيش عربي لدولة [ ص: 106 ] عربية لا يستطيع التفاهم مع جيش عربي شقيق لدولة عربية أخرى، أو يصعب عليه التفاهم على أقل تقدير، لأن لغته العسكرية تختلف اختلافا كبيرا عن اللغات العسكرية للجيوش العربية الأخرى.

                  وأذكر أن وفدا عسكريا من إحدى دول المشرق العربي قدم العراق سنة أربع وسبعين وثلاثمائة وألف الهجرية (1954م) في زيارة رسمية لمقرات ومؤسسات وتشكيلات عسكرية للجيش العراقي، وكان في منهاج ذلك الوفد العسكري الشقيق زيارة وحدات عسكرية في مدينة ( الموصل ) ، وكنت حينذاك آمرا لإحدى الوحدات العسكرية هـناك، فلم أستطع ولم يستطع قادة الوحدات الأخرى التفاهم مع ذلك الوفد إلا بلغة أجنبية.

                  وقد زرت وحدات وتشكيلات ومقرات ومؤسسات عسكرية في قسم من الدول العربية الشقيقة، فلم أستطع فهم معاني كثير من مصطلحاتها العسكرية إلا بصعوبة.

                  ولكي ندرك مدى التناقض الكبير بين ألفاظ المصطلحات العسكرية في الجيوش العربية، أضرب مثلا بالمصطلحات العسكرية لسلاح صغير من الأسلحة الخفيفة هـو: (الغدارة) ، كما نطلق عليه في العراق و (الرشاش الصغير) ، كما يطلقون عليه في مصر ، لكي نقارن بين قسم من أسماء أجزائها في الجيش العراقي بأسماء تلك الأجزاء بأعيانها في جيش مصر، وفي الستينات من القرن العشرين الميلادي، لتصوير فكرة واضحة عن البون الشاسع في المصطلحات العسكرية بين الجيشين العربيين الشقيقين، مع أن هـذه المصطلحات في هـذين الجيشين هـي أقل اختلافا عند مقارنتها بالمصطلحات العسكرية في الجيوش العربية الأخرى: [ ص: 107 ]

                  في الجيش العراقي
                  في الجيش المصري
                  1 - السبطانة [1]
                  1 - الماسورة
                  2 - الزناد
                  2 - التتك
                  3 - الشعيرة
                  3 - الدبانة
                  4 - النابض
                  4 - الزنبرك
                  5 - التصويب
                  5 - النيشان
                  6 - الإملاء
                  6 - التعمير
                  7 - الأخمص
                  7 - الدبشك
                  8 - الذخيرة الخلبية
                  8 - فشنك
                  هذا التناقض في ألفاظ المصطلحات العسكرية، يشمل أنواع الأسلحة الخفيفة الأخرى، وأنواع المدافع، ويشمل مصطلحات الرمي الخاصة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وأنواع ذخيرتها، كما يشمل مصطلحات صنوف الجيش: كالمشاة والخيالة والدروع والمدفعية والهندسة والإشارة والقوة الجوية والقوة النهرية والقوة البحرية، ويشمل كذلك مصطلحات الخدمات الإدارية كالميرة والتموين والعينة والنقلية الآلية [ ص: 108 ] " ونقلية الدواب، والهندسة الآلية الكهربائية، ويشمل أيضا أجزاء السيارات والمدرعات والدبابات والطائرات والسفن والبواخر والبوارج وحاملات الطائرات وأدواتها الاحتياطية، كما يشمل أسماء الرتب والمناصب والوحدات والتشكيلات والمقرات العسكرية، ومصطلحات التدريب والتعبية (Tactics، والسوقStyategy) ، وواجبات الأركان وصفحات القتال.

                  وكل هـذه المصطلحات تتناقض أشد التناقض في الجيوش العربية الشقيقة..

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية